٢ ـ اللُّطف المقرِّب
اللّطف المقرِّب : عبارة عن القيام بما يكون محصِّلا لغرض التّكليف بحيث لولاه لما حصل الغرض منه وذلك كالوعد والوعيد ، والتّرغيب والتّرهيب ، الّتي تستتبع رغبة العبد إلى العمل ، وبعده عن المعصية (١).
وهذا النّوع من اللّطف ليس دخيلاً في تمكين العبد من الطّاعة ، بل هو قادر على الطّاعة وترك المخالفة سواء أكان هناك وعد أم لا ، فإنّ القدرة على الإمتثال رهن التعرّف على التّكليف عن طريق الأنبياء ، مضافاً إلى إعطاء الطّاقات الماديّة ، والمفروض حصول هذه المبادئ والمقدّمات ، غير أنّ كثيراً من النّاس لا يقومون بواجبهم بمجرّد الوقوف على التّكليف ما لم يكن هناك وعد ووعيد وترغيب وترهيب ، فهذا النوع من اللّطف قد وقع موقع النِّقاش بين المتكلِّمين.
والحقّ هو القول بوجوب اللّطف إذا كان غرض التّكليف ( لا غرض الخلقة ) موقوفاً عليه عند الأكثريّة الساحقة من المكلّفين.
مثلاً لو فرضنا أنّ غالب المكلّفين ، لا يقومون بتكاليفهم بمجرّد سماعها من الرّسل ـ وان كانوا قادرين عليها ـ إلاّ إذا كانت مقرونة بالوعد والوعيد ، والتّرغيب والتّرهيب ، وجب على المكلِّف القيام بذلك ، صوناً للتّكليف عن اللّغوية ، ولو أهملها المكلِّف ترتّب عليه بطلان غرضه من التّكليف ، وبالتالي بطلان غرضه من الخلقة.
وفي الكتاب والسنّة إشارات إلى هذا النوّع من اللّطف. يقول سبحانه :
__________________
١ ـ عرّف اللطف المقرب بأنه هيئة مقربة الى الطاعة ومبعدة عن المعصية ، من دون أن يكون له حظّ في التمكين وحصول القدرة ، ولا يبلغ حدّ الالجاء.
فخرج بالقيد الأوّل ( لم يكن له حظ... ) اللطف المحصّل ، فإنّ له دخالة في تمكين المكلّف من الفعل بحيث لولاه لانتفت القدرة.
وخرج بالقيد الثاني ( لا يبلغ حدّ الإلجاء ) الإكراه والإلزام على الطاعة والاجتناب عن المعصية ، فإنّ ذلك ينافي التكليف الذي يتطلب الحرية والاختيار في المكلف ( لاحظ : كشف المراد ، ص ٢٠١، ط صيدا ).
وقال القاضي عبد الجبار : « اللطف هو كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب القبيح ، أو ما يكون عنده أقرب إمّا إلى اختيار الواجب أو ترك القبيح » ( شرح الاصول الخمسة : ص ٥١٩ ).