الكفر ، ولا يريد ظلماً للعالمين ، فهو لم يدّخر عنهم شيئاً ممّا يعلم أنّه إذا فعل بهم ، أتوا بالطّاعة والصّلاح » (١).
وقال العلاّمة الحلي : « إنّ المكلِّف ـ بالكسر ـ إذا علم أن المكلّف ـ بالفتح ـ لايطيع إلاّ باللّطف ، فلو كلّفه من دونه ، كان ناقضاً لغرضه ، كمن دعا غيره إلى طعام ، وهو يعلم أنّه لا يجيبه إلاّ أن يستعمل معه نوعاً من التّأدّب ، فإن لم يفعل الداعي ذلك النّوع من التأدّب كان ناقضاً لغرضه ، فوجوب اللّطف يستلزم تحصيل الغرض » (٢).
وقال الفاضل المقداد : « إنّا بيّنّا أنّه تعالى مريد للطّاعة وكاره للمعصية ، فإذا علم أنّ المكلّف لا يختار الطّاعة ، أو لا يترك المعصية ، أو لا يكون أقرب إلى ذلك إلاّ عند فعل يفعله به ، وذلك الفعل ليس فيه مشقّة ولا غضاضة ، فإنّه يجب في حكمته أن يفعله ، إذ لو لم يفعله لكشف ذلك ، إمّا عن عدم إرادته لذلك الفعل ، وهو باطل لما تقدّم ، أو عن نقض غرضه إذا كان مريداً له ، لكن ثبت كونه مريداً له فيكون ناقضاً لغرضه.
ويجري ذلك في الشّاهد مجرى من أراد حضور شخص إلى وليمة ، وعرف أو غلب على ظنِّه أنّ ذلك الشّخص لا يحضر إلاّ مع فعل يفعله ، من إرسال رسول ، أو نوع ، أدب ، أو بشاشة ، أو غير ذلك من الأفعال ، ولا غضاضة عليه في فعل ذلك ، فمتى لم يفعل عُدّ ناقضاً لغرضه ، ونقض الغرض باطل ، لأنّه نقص، والنّقص عليه تعالى محال ، ولأنّ العقلاء يعدّونه سَفَهاً وهو ينافي الحكمة » (٣).
وهذه البيانات تدلّ على أنّ اللّطف واجب من باب الحكمة.
هذا كلام القائلين بوجوب اللّطف ، وهو على إطلاقه غير تام ، بل الحقّ هو التّفصيل بين ما يكون مؤثِّراً في تحقّق التّكليف بشكل عامّ بين المكلّفين ، فيجب من
__________________
١ ـ الملل والنحل : ج ١، ص ١٠٧.
٢ ـ كشف المراد : الفصل الثاني ، المسألة الثانية عشرة ، ص ٣٢٥، ط قم ١٤٠٧.
٣ ـ ارشاد الطالبين : ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨.