مثلهم » (١).
إنّ السّلفيين وحتّى أتباعهم في هذه الأيّام يتحرّجون من القول بأنّ الله ليس بجسم ، قائلين بأنّه لم يرد نصّ فيه في الشّريعة ، ولكن يتشدّقون بقدم القرآن وعدم حدوثه ، بلا اكتراث سالفهم ولاحقهم حتّى جعلوه أصلاً يدور عليه إسلام المرء وكفره.
إنّ القول بقدم القرآن تسرّب إلى أوساط المسلمين من المسيحيّين ، حيث كانوا يقولون بقدم الكلمة. وقد صرّح بذلك الخليفة العبّاسي في كتابه الّذي بعثه من الرقّة إلى رئيس شرطة بغداد إسحاق بن إبراهيم يقول : « وضاهوا به قول النّصارى في ادّعائهم في عيسى بن مريم أنّه ليس بمخلوق إذ كان كلمة الله » (٢).
قال أبو العبّاس البغوي : « دخلنا على « فثيون » النّصراني وكان في دار الروم بالجانب الغربي ، فجرى الحديث إلى أن سألته عن ابن كلاب ( الّذي كان يقول بأنّ كلام الله هو الله ) فقال : « رحم الله عبدالله كان يجيء فيجلس إلى تلك الزّاوية وأشار إلى ناحية من البيعة وعنى أخذ هذا القول ( كلام الله هو الله ) ولو عاش لنصّرنا المسلمين قال البغوي : وسأله محمّد بن إسحاق الطّالقاني ، فقال : ما تقول في المسيح؟ قال : ما يقوله أهل السنّة من المسلمين في القرآن » (٣).
قال أبو زهرة : « إنّ النّصارى الّذين كانوا في حاشية البيت الأموي وعلى رأسهم يوحنّا الدمشقي وغيرهم ، كانوا يبثّون الشّكوك بين المسلمين. فقد جاء في القرآن أنّ عيس بن مريم كلمة الله ألقاها إلى مريم. فكان يبثّ بين المسلمين أنّ كلمة الله قديمة فيسألهم : أ كلمته قديمة أم لا؟ فان قالوا : لا ، فقد قالوا : إنّ كلامه مخلوق. وإن قالوا :
__________________
١ ـ كتاب السنّة : ص ٤٩.
٢ ـ تاريخ الطبري : ج ٧، ص ١٩٨، حوادث سنة ٢١٨.
٣ ـ فهرست ابن النديم : الفن الثالث من المقالة الخامسة ص ٢٣٠.