ثمّ إنّ هيهنا أدلّة سمعيّة للحنابلة في إثبات قدم القرآن نأتي بها على وجه الاجمال ، وقد طرحها القاضي في كتبه وقام بتحليلها.
إنّ القاضي يذكر أدلّة القائلين بقدم القرآن ويقول : « وللمخالف في قدم القرآن شبه ، من جملتها :
الشبهة الأولى : قولهم : قد ثبت أنّ القرآن مشتمل على أسماء الله تعالى والاسم والمسمّى واحد ، فيجب في القرآن أن يكون قديماً مثل : الله تعالى. قالوا : والّذي يدلّ على أنّ الاسم والمسمّى واحد ، هو أنّ أحدنا عند الحلف يقول : تالله ووالله. وهكذا يقول : بسم الله. ولا يكون كذلك إلاّ والأمر على ما قلناه. وكذلك فقد قال لبيد :
إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر |
أي السّلام عليكما.
وهكذا فإنّ أحدنا إذا قال : طلّقت زينب ، كان الطّلاق واقعاً عليها. فلو لم يكن الاسم والمسمّى واحداً لا يكون كذلك ».
وأجاب عنه القاضي بأنّ الاسم غير المسمّى وإلاّ فمن قال : ناراً ، يجب أن يحترق فمه.
وعلى هذا قال بعضهم :
لو كان من قال ناراً أُحرقت فمه |
|
لما تفوّه باسم النّار مخلوق |
فكيف يكون الاسم والمسمّى واحداً ، مع أنّ الاسم عرض والمسمّى جسم؟.
أقول : يجب إلفات نظر القارئ إلى اُمور :
١ ـ إنّ اتّحاد الاسم مع المسمّى صحيح على وجه وباطل على وجه آخر. فإن أرادوا اتّحاد واقعيّة العالم مع ذاته سبحانه فذلك صحيح ، لما قلنا من أنّ ذاته سبحانه