الصحيح ، عليها طيلة قرون. ومع الأسف إنّ الشّيخ الأشعري جعله من جملة عقائد أصحاب الحديث وأهل السنّة ، وقال في قائمة عقائد تلك الطّائفة : « إنّ أسماء الله لا يقال إنّها غير الله ، كما قالت المعتزلة والخوارج » (١).
يحكى أنّ بعض الحنابلة ناظر أبا الهذيل في هذه المسألة فأخذ لوحاً وكتب عليه « الله ». قال : أفتنكر أن يكون هذا هو الله وتدفع المحسوس؟ فأخذ أبو الهذيل اللّوح من يده وكتب بجنبه : « الله » آخر. فقال للحنبليّ : أيّهما الله إذن؟ ـ فانقطع المدبر (٢).
فلو صحّت هذه الوحدة لوجب تعدّد الآلهة حسب تعدُّد أسمائه وكثرتها في لغة العرب وسائر اللّغات.
الشبهة الثانية : إنّ القوم تعلّقوا بآيات من القرآن في إثبات قدمه. منها قوله تعالى : ( ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ ) ( الاعراف / ٥٤ ) قالوا : إنّه تعالى فصّل بين الخلق والأمر ، وفي ذلك دلالة على أنّ الأمر غير مخلوق (٣). والقرآن مشتمل على الأمر فيكون غير مخلوق.
وأجاب عنه القاضي بأنّ ذلك من قبيل عطف الخاصِّ على العام ، مثل قوله سبحانه : ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمّانٌ ) ( الرحمن / ٦٨ ).
ويمكن أن يجاب بالنّقض والحلّ.
أمّا نقضاً فبقوله سبحانه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّي ) ( الإسراء / ٨٥ ).
فلو كان الأمر غير مخلوق يلزم أن يكون الروح الّذي من الأمر غير مخلوق وقديماً.
وأمّا حلاّ ً فبوجهين :
أ ـ المراد من الخلق هنا هو التّقدير ، قال في اللّسان : « الخلق : التقدير ، وخلَق الأديم يخلقه خلقاً : قدّره لما يريد قبل القطع. قال زهير يمدح رجلاً :
__________________
١ ـ المقالات : ص ٢٩٠. وفي هذا المصدر تكلّم عن أصحاب الحديث حول اتحاد الاسم مع المسمى ، فراجعه.
٢ ـ شرح الاصول الخمسة : ص ٥٤٤.
٣ ـ المصدر نفسه