ولأنت تَفري ما خلقتَ |
|
و بعض القوم يَخلق ثمّ لا يفري (١). |
والمراد من الأمر هو الايجاد ، لقوله سبحانه : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذْا أَرَادَ شَيْئَاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون ) ( يس / ٨٢ ). وعلى ذلك يعود معنى الآية إلى أنّ التقدير والايجاد في عالم الكون من السّماوات والأرض وما بينهما له سبحانه. ويشهد عليه ملاحظة نفس الآية : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ والأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ، يُغْشِى الَّيْلَ النّهارَ يَطْلُبُهُ حَثيثاً والشَّمسَ والقَمَرَ والنُّجومَ مُسَخّرات بِأَمْرِه ، ألا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ العَالَمِين ) ( الأعراف / ٥٤ ).
فخلق العالم من الذّرّة إلى المجرّة ، رهن التّقدير والايجاد ، ولا شريك له سبحانه في واحد من هذين الأمرين ، وعندئذ لا صلة لكلمة الأمر ، بالأوامر الشّرعية الواردة في القرآن الكريم حتّى يستدلّ من حديث المقابلة أنّ الأمر غير الخلق.
ب ـ المراد من الخلق هو الايجاد ، كما هو الشائع ، والمراد من الأمر السنن السائدة على العالم ، الحاكمة عليه والوسيلة للتدبير. ويشهد له قوله قبل ذلك : ( مسخّرات بأمره ) أي مسخّرات بسننه وقوانينه سبحانه. فيعود معنى الآية أيضاً إلى أنّ الخلق والتّدبير بالسنن له سبحانه ، لا يشاركه فيهما شيء.
ويظهر ذلك إذا علمنا أنّ « الألف واللام » في « له الأمر » إشارة إلى الأمر الوارد قبله أي : ( مسخّرات بأمره ) ومن المعلوم أنّ التّسخير قائم بوضع سنن وقوانين على عالم الخلق.
الشبهة الثالثة : إنّ توصيف القرآن بأنّه مخلوق ربّما يوهم وصف القرآن بالكذب والاختلاق ، ولهذا يقال : قصيدة مخلوقة ومختلقة ، إذا كانت مشتملة على أكاذيب وأباطيل.
قال سبحانه : ( إن هذا إلاّ خلق الأوّلين ) ( الشعراء / ١٣٧ ).
وقال سبحانه : ( إن هذا إلاّ اختلاق ) ( ص / ٧ ).
والإجابة عنه واضحة ، فإنّ المراد من كونه مخلوقاً ، كونه مخلوقاً لله سبحانه.
__________________
١ ـ لسان العرب : مادة « خلق ».