مساوقة لوجود الشّىء بلا تخلّف. وأمّا حقيقة إرادته فلبيانها مقام آخر.
وفي نفس الآيات إشارات لطيفة إلى هذا المعنى.
قال سبحانه : ( وما أمرنا إلاّ واحدة كلمح بالبصر ) ( القمر / ٥٠ ) فيكون الهدف من الآية ونظائرها بيان أنّ إرادته ومشيئته المتعلِّقة بتحقّق الشيء يساوق وجوده وليست كارادة الإنسان. فإنّ الارادة والمشيئة فيه لا تساوق وجود الشّيء ، بل يحتاج إلى مقدّمات وأسباب.
المسألة الثامنة :
ما تتعلّق بالنبوّات والشّرائع ومعاجز الأنبياء
إنّ القاضي رتّب على القول بالعدل عدّة مسائل زعم أنّها من نتائج القول به ، وبما أنّ الاختلاف فيها بين المعتزلة وغيرهم بسيط ، نكتفي بإيرادها إجمالاً :
١ ـ بعث الأنبياء : قال : « ووجه اتّصاله بباب العدل هو أنّه سبحانه إذا علم أنّ صلاحنا يتعلّق بالشّرعيات ، فلا بدّ من أن يعرِّفناها ، لكي لا يكون مُخلاًّ بما هو واجب عليه ، ومن العدل أن لا يخلّ بما هو واجب عليه ».
٢ ـ لزوم اقتران النبوّة بالمعجز : قال : « إذا بعث إلينا رسولاً ليعرِّفنا المصالح ، فلا بدّ من أن يدّعي النبوّة ويظهر عليه العلم المعجز الدّالّ على صدقه عقيب دعواه النُّبوة ».
ثمّ فصّل حقيقة المعجز.
يلاحظ عليه : إنّ مقتضى العدل بعث الأنبياء بالدّلائل والبيّنات المثبتة لدعواهم النّبوّة ، ولا تنحصر البيّنات بالمعجزات ، بل المعجز إحدى الطّرق إلى التعرّف على صدق النّبي. وهناك طريقان آخران نشير إلى عنوانيهما :
أ ـ تصديق النبّيّ السابق ( الّذي ثبتت نبوّته قطعيّاً ) نبوّة النّبىِّ اللاّحق.