وجوبهما. فمن أراد فليرجع إلى جوامعهم الحديثيّة (١).
ونكتفي برواية واحدة من عشرات الرّوايات. روى جابربن عبدالله الأنصاري عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنّه قال : « إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتؤمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمّر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر » (٢).
وإن كان الثّاني ، فهو غير صحيح. وهذه كتب الإماميّة في الكلام والتّفسير والفقه مشحونة بالبحث عن فروع المسألة بعد تسليم وجوبهما.
قال الشّيخ المفيد ( م ٤١٣ هـ ) : « إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر باللّسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه ، لقيام الحجّة على من لا علم لديه إلاّ بذكره أو حصول العلم بالمصلحة به أو غلبة الظّنّ بذلك » (٣).
وهذا المحقّق الطّوسي نصير الدّين ( م ٦٧٢ هـ ) يقول في « تجريد الاعتقاد » : « والأمر بالمعروف واجب ، وكذا النّهي عن المنكر. وبالمندوب مندوب » (٤).
نعم ، بعض مراتب الأمر بالمعروف كالجهاد الابتدائي مع العدوّ الكافر مشروط بوجود الإمام العادل. قال الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليهالسلام في كتابه إلى المأمون : « والجهاد واجب مع إمام عادل ، ومن قاتل فقتل دون ماله ورحله ونفسه فهو شهيد » (٥).
وقد استظهر بعض الفقهاء من هذا الحديث وغيره أنّ المراد هو الإمام المعصوم المنصوص على ولايته من جانب الله سبحانه بواسطة النّبي. غير أنّ في دلالة الرّوايات على هذا الشرط نوع خفاء ، بل عموم ولاية الفقيه في زمان الغيبة كاف في تسويغ ذلك
__________________
١ ـ لاحظ : وسائل الشيعة ، ج ١١، الباب الأول من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ص ٣٩٣.
٢ ـ المصدر السابق ، الحديث السابع.
٣ ـ أوائل المقالات : ص ٩٨.
٤ ـ كشف المراد : ص ٢٧١، ط صيدا.
٥ ـ الوسائل : ج ١١، الباب الثاني عشر من أبواب جهاد العدو ، الحديث ١٠.