وهو لا يصدق إلاّ مع وجود الفعل ، وبما أنّ التكوين غير المكوّن ، والأوّل قائم بذاته ، بخلاف المكوّن والمخلوق إذ هو موجود منفصل عنه سبحانه ، يكون التكوين أو الخلق وصفاً أزليّاً ، بخلاف المكوّن والمخلوق فإنّهما حادثان بحدوث الموجودات.
يلاحظ عليه :
١ ـ أنّ التكوين والخلق ليس إلاّ إعمال القدرة عند تحقّق المشيئة ، فلا يكون وصفاً وراء ظهورها وشأنيّة التعلّق في القدرة ، وفعليّته في التكوين ، لا تجعلانهما شيئين مختلفين ، بل أقصى الأمر وحدتهما جوهراً ، واختلافهما مرتبة.
وعلى ذلك فتكون جميع الصفات الفعليّة مجتمعة تحت القدرة إذا انضمّت إليها المشيئة والإرادة.
٢ ـ لو كان التكوين وصفاً ذاتيّاً أزليّاً ، لاستلزمت أزليّته ، أزليةَ بعض المكوّنات وقدمتها ، إذ لا يفارق وصف التكوين وجوداً عن وجود المكوّن ، وهو ينافي اُصول التوحيد ، ولو فسّر بشأنية التكوين ، يكون بمعنى القدرة لا شيئاً غيرها ، وهو بصدد تصوير المغايرة.
وقد تفطّن البزدوي لهذا الإشكال ، ونقله عن بعض مخالفيه وقال : « ربّما يقال : إنّ الايجاد بلا موجود مستحيل ، كالكسر بلا مكسور ، والضرب بلا مضروب ، فلو قلنا بقدم الايجاد ( التكوين ) صرنا قائلين بقدم الموجودات ، وذلك مناف للتّوحيد فلم يمكن القول بقدم الإيجاد ».
لكنّه تخلّص عنه بقوله : « انّ للّه تعالى فعلاً واحداً غير حادث ، بذلك الفعل يوجِد الأشياء في أوقاتها ، كما أنّ لله تعالى قدرة واحدة ، بتلك القدرة يقدر على إيجاد الأشياء في أوقاتها » (١).
__________________
١ ـ اُصول الدين ص ٧٣.