بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد ، فهذا هو الجزء الثّالث من كتابنا « بحوث في الملل والنحل » نقدّمه للقرّاء الكرام ونبحث فيه عن المدرستين المعروفتين « الماتريديّة » و « المعتزلة » ، والمدرسة الاُولى مشتقّة من منهج أهل الحديث من الحشويّة والحنابلة ، كاشتقاق المنهج الأشعريّ منه ، والفرعان يشتركان في كثير من الاُصول ويختلفان في بعضها الآخر ، وستوافيك الفوارق الموجودة بينهما.
وأمّا المدرسة الثّانية ـ أعني مدرسة الاعتزال ـ فهي منهج عقليّ لا يمتّ لمنهج أهل الحديث بصلة ، والمدرستان تتحرّكان على محورين متخالفين ، ونرجو منه سبحانه أن يوفّقنا لتحرير عقائد الطائفتين متحرّرين من كلّ نزعة ، وتعصّب ، ورأي مسبّق لا دليل عليه ، ولنقدّم تحرير منهج الطائفة « الماتريديّة » على « المعتزلة » للصّلة التامّة بينه وبين المنهج الأشعري الذي سبق عنه البحث مفصّلاً في الجزء الثّاني.
ولقد نجمت في القرنين الأوّلين مناهج كلاميّة لها صلة بالمدرستين ، فلإكمال الفائدة نبحث قبل تبيين منهج الإعتزال عن الفرق التالية :
المرجئة ، القدريّة ، الجهميّة ، الكرّاميّة والظاهريّة. فالمرجوّ منه سبحانه ، التّوفيق لبيان الحقّ والحقيقة والقضاء ، بعيداً عن التعصّب والانحياز الممقوت. إنّه وليّ التوفيق.