لاُصول الاسلام ثباتاً ودواماً وللشباب صموداً أمام الهجمات العنيفة ، الّتي توجّه إليهم كلّ يوم من المدارس الفكرية المادية المهزوزة وغيرها ، فإنّ في حرمان المسلم المستعدّ عن التفكر الصحيح ، مظنة جعله فريسة للمناهج الضالّة ، المتدرّعة بالسلاح العلمي المادي الفاتك.
ولا نهدف بذلك إلى دمج الدّين بالفلسفة اليونانيّة أو الغربيّة بل الغرض هو استخدام العقل السليم الفطري ـ الذي به عرفنا ربّنا ودعا إليه كتابه ـ لدرك الدين والدفاع عنه في المجالات الّتي للعقل إليها سبيل.
ولا شكّ أنّ بعض المشايخ لا يعرفون التوسّط في الحياة ، ولا الاعتدال في الرأي ، فهم بين غارق في العقليّات ، غير مقيم للنّقل وزناً في مجال العقيدة ، وبين متزمّت لا يعرف في أوضح الواضحات سوى رواية أحمد عن فلان ، وإن كان على خلاف الحسّ والعقل.
هذا وذاك كلاهما مرفوضان جدّاً ، وإنّما المأمول هو تقدير التعقّل ، واحترام حريّة الفكر ، وهذا أمر يجب علينا أن نروّض أنفسنا عليه.
ثمّ إنّ هنا كلاماً لبعض قادة الفكر ، يلقي ضوءاً على ما نتوخّاه ونطلبه بحماس من حاملي لواء الفكر الاسلامي ، ونخصُّ بالذكر أساتذة الجامعات الإسلاميّة حيث يقول :
« ممّا لا نرتاب فيه إنّ الحياة الانسانيّة حياة فكريّة لا تتمّ له إلاّ بالادراك الّذي نسمّيه فكراً ، وكان من لوازم ابتناء الحياة على الفكر ، إنّ الفكر كلّما كان أصحّ وأتم ، كانت الحياة أقوم ، فالحياة القيّمة ـ بأيّة سنّة من السنن أخذ الإنسان ، وفي أيّ طريق من الطرق المسلوكة وغير المسلوكة سلك الإنسان ـ ترتبط بالفكر القيّم وتبتني عليه ، وبقدر حظّها منه يكون حظّها من الاستقامة.
وقد ذكره اللّه سبحانه في كتابه العزيز بطرق مختلفة وأساليب متنوّعة كقوله : ( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) ( الأنعام / ١٢٢ ). وقوله : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا