عبارات الامام » الّذي طبع بتقديم محمّد زاهد بن الحسن الكوثري ، الذي هو من دعاة الماتريديّة في العصر الحاضر وبتحقيق يوسف عبد الرزاق سنة ١٣٦٨ هـ ، وقد وقفت على خصوصيات الكتاب في خلال الأبحاث السابقة.
هذا خلاصة القول في الفرقة الماتريدية الّتي انحسرت دعوتها عن الجامعات الإسلاميّة ، وقلّت الدعاة إليها ، ومنهاجها منهاج مزيج من منهاج أهل الحديث والمعتزلة ، بل قلّ الاهتمام بهم ودراسة منهاجهم ، والحقّ أنّها مدرسة فكريّة نبتت في المحيط الشرقي وترعرعت زمناً ، ثمّ تراجعت إلى حدّ لا نجد داعياً إليها في العصر الحاضر ، غير الشيخ الكوثري وأترابه ، ولا مناص لطلاّب الحريّة من شباب أهل السنّة من دراستها واعتناق اُصولها ، لكونها منهاجاً وسطاً بين العقليّة المحضة ، والنّقلية الخاصّة.
إنّ الظروف والشرائط المفروضة عليهم ، وإن كانت لا تسمح لهم الاجتهاد المطلق في الاُصول والعقائد ، ودراسة كلّ أصل في جوّ هادئ من دون أن يتقلّدوا رأي انسان غير معصوم من سنّة أو شيعة ، لكن في وسعهم الإجتهاد في المذاهب المنسوبة إلى أهل السنّة والجماعة ، فعلى طلاب الحريّة ، السعي والإجتهاد ، للتعرّف على الحق ، وإزهاق الباطل ، ولو في إطار المذاهب العقيديّة الرسميّة.
إنّ الغزو الفكري الّذي يشنّه أعداء الإسلام كلّ يوم من المعسكرين : الشرق والغرب ، لاجتياح العقيدة الاسلاميّة وإقصاء الشباب عن ساحة الإيمان ، وبالتّالي إفساد عقيدتهم وإحلالهم عن الدين ، وعن التفاني دونه ـ إنّ هذا الغزو ـ يفرض علينا الخروج عن إطار الجمود في تحليل العقائد وتقييمها ، وعدم الاقتصار على الروايات المنقولة عن « كعب الأحبار » ، و « تميم الداري » وأضرابهما ، وفتح باب التفكر بمصراعيه في وجه الناشئ وتدريبه وتمرينه بالبرهنة والاستدلال ، على مايعتنقه من العقائد ، لأنّه يضفي