أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم امتنعوا أن يدخلوا في النزاع الذي كان في آخر عهد عثمان مثل « أبي بكرة » و « عبدالله بن عمر » و « عمران بن حصين » وروى أبوبكرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي .. » (١).
٥ ـ قد عرفت أنّ من المحتمل أن يكون الحافز لمؤسّس هذه الفكرة ، هو إيقاف الهجمة على جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولكنّ العامل المؤثّر في نشوء هذه البذرة ونموّها هو اشتداد الدعاية من جانب الأمويين لتبرئة عثمان من الأحداث المؤلمة المنسوبة إليه ، وتنزيه الناكثين ومن انضمّت إليهم من اُمّهات المؤمنين في نقض البيعة ، والخروج على الإمام المفترض الطاعة ، وإكثار الوقيعة في الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد أثّرت تلك الدّعايات والروايات الّتي كذبوا بها على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بسطاء القوم وسذّاجهم بحيث أخذت تلك الأكاذيب صورة الحجاج ، فلم يكن لهم بدُّ أمام هذه الدعايات من أحد أمرين : إمّا الإجتهاد ، وخرق الحجب ، وشهود الحقائق بعين الفكر والعقل. وإمّا الوقوف على الرأي الوسط والتوقّف عن التكلّم في حقّ هؤلاء ، وإرجاء الأمر إلى الله ، والفرض الأوّل كان أمراً غير ميسور لبساطة الفهم وسذاجته ، فصار الثاني متعيّناً.
يقول أحد المصريين حول الدعايات الفارغة بعد عهد عثمان : « ومن هنا وهناك تألّفت سلسلة الموضوعات والخرافات والأساطير الّتي ابتلى بها المسلمون ، وانتشرت بينهم التلبيسات الملتوية والشبه ، فشوّهت جمال الشريعة المطهّرة ، حتى أصبحت وبالاً على الدّين ، وشرّاً على المسلمين ، وحائلاً دون نهضتهم وتقدّمهم ، وعائقاً أمام الوصول إلى كثير من الحقائق التاريخيّة والعلميّة والدينية » (٢).
٦ ـ يعتقد الكاتب المصري « أحمد أمين » أنّ المرجئة تكوّنت ، بصورة حزب سياسي لا يريد أن يغمس يده في الفتن ولايريق دماء حزب ، بل ولا يحكم بتخطئة فريق
__________________
١ ـ فجر الاسلام ص ٢٨٠.
٢ ـ عثمان بن عفان للاُستاذ صادق إبراهيم عرجون ص ٤١، كما في الغدير ، ج ٨.