على هذه الفكرة.
٣ ـ لو كان الحسن بن محمّد بن الحنفيّة هو الأصل في الإرجاء ، فقد عرفت تاريخ حياته وأنّه قام بزرعه في الربع الأخير من القرن الأول ، وعلى ذلك لايصحّ ما نقله أحمد أمين المصري عن ابن عساكر : « أنّهم هم الشكّاك الّذين شكّوا وكانوا في المغازي ، فلمّا قدموا المدينة بعد قتل عثمان وكان عهدهم بالناس وأمرهم واحد ، ليس بينهم اختلاف قالوا : تركناكم وأمركم واحد ليس بينكم اختلاف ، وقدمنا عليكم وأنتم مختلفون فبعضكم يقول : قتل عثمان مظلوماً ، وكان أولى بالعدل أصحابه ، وبعضكم يقول : كان عليّ أولى بالحق ، وأصحابه كلّهم ثقة وعندنا مصدّق ، فنحن لا نتبرّأ منهما ، ولا نلعنهما ، ولا نشهد عليهما ، ونرجئ أمرهما إلى الله حتّى يكون الله هو الذي يحكم بينهما » (١).
يلاحظ عليه : أنّه قتل عثمان أواخر عام (٣٥) من الهجرة ، واستشهد الامام أميرالمؤمنين في شهر رمضان عام ( ٤٠ هـ ) ، ومقتضى ما ذكره الدكتور ، تكوّن الإرجاء في العقد الرابع من القرن الأوّل. وهذا لايتّفق مع ذلك التاريخ المتضافر في أنّ أصل الإرجاء هو الحسن بن محمّد بن الحنفيّة لتأخّر عصره ، وقد كان لوالده محمّد بن الحنفية يوم قتل عثمان من العمر خمس عشرة ويوم استشهد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عشرون سنة ، وكان الحسن بن محمّد في أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات ، وغاية ما يمكن أن يوجّه به هذا النقل ، هو أنّ ـ الأحوال الحاضرة بعد قتل الخليفتين وقدوم المسلمين الغزاة ، أوجدت أرضيّة لتكوّن هذه الفكرة ، ولكنّها كانت خاملة تدور في الذاكرة ، وأوّل من أظهرها وطرحها بصورة علميّة وكتب فيها رسالة هو الحسن بن محمّد ولذلك قال عمّ عثمان بن ابراهيم بن حاطب لابن أخيه : يا بنيّ : ليتخذنّ هؤلاء هذا الكلام إماماً.
٤ ـ وأبعد من هذا الكلام ما ذكره ذلك الكاتب حيث قال : إنّ نواة هذه الطائفة كانت موجودة في الصحابة في الصدر الأوّل ، بحجّة أنّنا نرى أنّ جماعة من
__________________
١ ـ فجر الاسلام : ص ٢٧٩، نقلاً عن تاريخ ابن عساكر.