الفارغة ، وتسليماً لها ، وبما أنّ الإرجاء على كلا الأصلين كان لصالح السلطة من الأمويين ، كانت السلطة يومذاك تؤيّدهم لأنّ في تبنّي كل من الأصلين ، صلاحهم ودعم عروشهم.
فالأصل الأوّل يدعو إلى أنّ الإنسان قاصر عن تشخيص المصيب والمخطئ، بل يترك أمر المخطئين إلى الله ، وهذا التسليم هو نفس ما يطلبه أصحاب السلطة ، حتّى يجتنب الناس عن القضاء في يزيد الخمور ، وعبد الملك السفّاك ، وعامله الحجّاج بن يوسف الثقفي ، ممّن عاشوا قبل الفكرة أو بعدها ، وسوّدوا صحيفة تاريخهم.
والأصل الثاني يعرب عن أنّ الشهادة اللّفظية بالتوحيد أو المعرفة القلبيّة يكفي في دخول الإنسان في عداد المؤمنين ، فيحرم قتاله ونضاله بل يكون نفسه وماله مصونين من الإعتداء ، وهذا أيضا كان اُمنية الأمويين ، إذ على ضوء ذلك ، يكون يزيد الخمور والحجّاج الظلوم من المؤمنين ، ويكون دمهما ومالهما مصونين من الإعتداء.
لا تجد للمرجئة رأياً خاصّاً في أبواب المعارف والعقائد سوى باب الايمان والكفر ، فكلامهم يدور حول هذين الموضوعين وأُسّ نظريّتهم أنّ الايمان هوالتصديق بالقلب ، أو التصديق بالقلب والإقرار باللسان ، أو ما يقرب من ذلك ، فأخرجوا العمل من حقيقة الايمان ، واكتفوا بالتصديق القلبي ونحوه ويترتّب على ذلك الأصل اُمور :
١ ـ إنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأنّ أمر التصديق دائر بين الوجود والعدم ، ومثله تفسير الإيمان بالإقرار باللسان ، فهو أيضاً كذلك وليس العمل داخلاً في حقيقته حتّى يقال : إنّ العمل يكثر ويقلّ وسيوافيك نظرنا فيه.
٢ ـ إنّ مرتكب الكبيرة مؤمن حقيقة ، لكفاية التصديق القلبي أو الإقرار باللسان في الإتصاف بالايمان ، وهؤلاء في هذه العقيدة يخالفون الخوارج والمعتزلة. أمّا الاُولى :