ثمّ إنّه قد أجاب المحقّق الخراساني رحمهالله عن هذه الشبهة بجواب لا يخلو من التكلّف جدّاً ، وهو أنّ كون اللام في قوله عليهالسلام : « ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ » للعهد مبنى على كون لفظة « من وضوئه » متعلّقة بلفظة « يقين » بنفسها ، فيكون اليقين حينئذٍ في الصغرى خاصّاً ، فليكن في الكبرى أيضاً خاصّاً ، وأمّا إذا كان متعلّقاً بالظرف أي بلفظة « على يقين » بحيث كان المعنى هكذا : « فإنّه من ناحية وضوئه على يقين ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ » فلا يكون اليقين حينئذٍ في الصغرى خاصّاً كي تكون اللام في يقين الكبرى للإشارة إليه ، بل جنساً مطلقاً فيكون اليقين في الكبرى أيضاً كذلك. ( انتهى ).
ولا يخفى أنّ فيه تكلّفاً ظاهراً ، وأنّه لا يشبه العبارات العربيّة المتداولة ، فالإنصاف أنّ المرتكز لمن يكون عارفاً باللسان كون « عن وضوئه » متعلّقاً باليقين نفسه.
إن قلت : أنّ هذا الحديث من ناحية دلالته على الاستصحاب قد أعرض عنه الأصحاب ، كما يظهر من تصريح الشيخ الأعظم رحمهالله بأنّ أوّل من تمسّك به هو والد الشيخ البهائي رحمهالله في الحبل المتين.
قلنا : لعلّ عدم تمسّك الأصحاب به كان من جهة أنّهم يرون أنفسهم مستغنين عنه بوجود سيرة العقلاء على الاستصحاب ، مع كون السيرة دليلاً قطعيّاً وخبر الواحد دليلاً ظنّياً. هذا أوّلاً.
وثانياً : لعلّ إعراضهم كان من جهة وجود الشبهة عندهم من ناحية الدلالة وعدم عموميتها واختصاصها بأبواب معيّنة ، لا من ناحية السند ، فلا يكون اعراضهم عن السند محرزاً عندنا.
ويؤيّد ذلك أنّ صاحب الوسائل وغيره من أكابر علماء الحديث جعلوا هذه الأخبار في أبواب خاصّة ، ولم يجعلوا لها عنواناً مستقلاً كلّياً ، وهذا دليل على أنّهم لم يفهموا منها العموم ، وكم ترك الأوّل للآخر.
٢ ـ صحيحة ثانية لزرارة قال : « قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو شيء من مني فعلّمت أثره إلى أن اصيب له الماء ، فأصبت وحضرت الصّلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصلّيت ثمّ إنّي