البحث
البحث في أنوار الأصول
يبلغ ) لأنّ استعمال كلمة الوضع في ما لم يكن مجعولاً من رأس كثير ، كما أنّ كلمة الرفع استعمل في حديث الرفع في معنى الرفع وعدم الجعل من أصله ( لا ما وضع أوّلاً ثمّ رفع ثانياً ) وهذا نظير ما إذا قيل : هذا البلاء وضع عن هذه الامّة ، فإنه استعمل حينئذٍ في بلاء لم ينزل من رأس لا ما نزل ثمّ رفع.
أضف إلى ذلك أنّ الوضع إذا تعدّى بـ « عن » ( خلافاً لما إذا تعدّى بـ « على » ) يكون بمعنى الرفع ، فيأتي حينئذٍ في هذا الحديث كلّ ما قلناه في حديث الرفع ، وكيف كان : الأمر دائر مدار إرتكاب أحد الأمرين : رفع اليد من ظهورين ( ظهور العباد في العموم المجموعي وظهور الحجب في الإسناد الحقيقي ) ورفع اليد من ظهور واحد ( ظهور كلمة « موضوع عنهم » في رفع ما هو المجعول ) ولا يخفى أنّ الثاني أهون من الأوّل.
مضافاً إلى أنّ الأوّل يستلزم كون الإسناد إلى العباد مجازاً لأنّ العباد حينئذٍ يستعمل في بعض العباد كما هو واضح.
٣ ـ حديث الحلّ :
وهو ما رواه عبدالله بن سنان بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (١).
ونظيره ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال سمعته يقول : « كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، والمملوك عندك لعلّه حرّ قد باع نفسه ، أو خدع فبيع قهراً أو امرأة تحتك وهى اختك أو رضيعتك والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة » (٢) وكذلك ما رواه عبدالله بن سنان قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن فقال لي : « لقد سألتني عن طعام يعجبني ثمّ أعطى الغلام درهماً فقال ياغلام ابتغ لنا جبناً ، ثمّ دعا بالغداء فتغدّينا معه فأتى بالجبن فأكل وأكلنا فلمّا فرغنا من الغداء قلت : ما تقول في الجبن؟ قال : أو لم ترني آكله؟
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٢ ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٤ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ح ٤.