وهذا السؤال والجواب ناظر إلى محلّ البحث صراحةً كما لا يخفى.
رابعها : قول السائل : « فإنّي قد علمت أنّه قد أصابه ولم أدر أين هو؟ فأغسله؟ » وجوابه عليهالسلام : « تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنّه أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك ».
وهذا السؤال في بدء النظر غير مرتبط بالمقصود بل مرتبط بمسألة العلم الإجمالي ولكنّه عند التأمّل يمكن أن يكون تتميماً للسؤال الثالث ، كما أنّ جواب الإمام عليهالسلام أيضاً يمكن أن يكون تكميلاً للجواب عن السؤال الثالث ، أو بياناً لمدلوله الالتزامي ، وهو قوله « انقضه بيقين آخر » فالمحتمل دلالة هذه الفقرة أيضاً على حجّية الاستصحاب.
خامسها : قول السائل : « فهل عليّ إن شككت في أنّه أصابه شيء في ثوبي أن أنظر فيه؟ » وجواب الإمام عليهالسلام : « لا ولكنّك إنّما تريد أن تذهب الشكّ الذي وقع في نفسك ».
وهذا الجواب ناظر إلى عدم لزوم الفحص في الشبهات الموضوعيّة وخارج عمّا نحن بصدده.
إن قلت : قد مرّ في مبحث عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة استثناء موردين منها :
أحدهما : ما إذا كان العلم بالواقع سهل الوصول جدّاً.
وثانيهما : ما لا يحصل العلم به عادةً من دون فحص كمقدار النصاب وأرباح المكاسب والاستطاعة ، وما نحن فيه من القسم الأوّل فلماذا لم يأمر فيه بوجوب الفحص؟
قلنا : يظهر من هذه الرواية وغيرها أنّ نظر الشارع التسهيل في أمر الطهارة والنجاسة وإستثناءهما من القاعدة المذكورة ، ولعلّ الوجه فيه هو الوقوع في الوساوس المختلفة لو بنى على الفحص ولو بهذا المقدار.
سادسها : قول السائل : « إن رأيته في ثوبي وأنا في الصّلاة » وجواب الإمام عليهالسلام : « تنقض الصّلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثمّ رأيته ، وإن لم تشكّ ثمّ رأيته رطباً قطعت الصّلاة وغسلته ثمّ بنيت على الصّلاة لأنّك لا تدري لعلّه شيء أوقع عليك فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ ».
وهذا السؤال والجواب أيضاً داخل في الاستصحاب كما هو واضح.