بالأصالة ، وموضوعة مستقلاً من ناحية الذهن بالمقايسة مع الخارج ، ففي الملكيّة يجعل صورة فرضية للسلطنة على شيء كسلطنة الإنسان على أعضائه وجوارحه.
٧ ـ ومنها الحجّية في باب الأمارات وغيرها من الحجج الشرعيّة والعقلائيّة ، كحجّية خبر الواحد.
والتحقيق في هذا القسم مبنى على ملاحظة المباني المختلفة في باب الحجّية ، ولذلك نقول : لو كان المبنى أنّ الحجّية عبارة عن جعل حكم مماثل فمعنى حجّية خبر الواحد الدالّ على وجوب صلاة الجمعة أنّ الشارع جعل وجوباً ظاهرياً طريقيّاً لصلاة الجمعة مماثلاً لما في الواقع ، فلا إشكال في أنّها حينئذٍ حكم تكليفي إذا كان الخبر دالاً على الحكم التكليفي ، وحكم وضعي إذا كان الخبر دالاً على الحكم الوضعي لأنّ الحجّية حينئذٍ عبارة عن نفس الحكم المماثل المجعول.
ولو قلنا بأنّها عبارة عن المنجزية والمعذرية ، أي أنّ إصابة الأمارة الواقع كانت منجّزة وإن أخطأت كانت عذراً ، فيمكن أن يقال : أنّها من الأحكام الوضعيّة المجعولة بالأصالة لأنّ كونها مجعولة حينئذٍ ممّا لا ريب فيه ، كما أنّ عدم كونها من الأحكام الخمسة التكليفيّة أيضاً ظاهر ، فينطبق عليها تعريف الحكم الوضعي.
ولو قلنا بأنّها بمعنى إلغاء احتمال الخلاف فإمّا أن يكون المراد منه حينئذٍ الغاء الاحتمال بحسب الاعتقاد ، أي تبديل صفة الظنّ باليقين فهو أمر محال غير معقول لأنّه أمر تكويني ليس في اختيار المكلّف ، ولا يحصل بسبب الإنشاء ، وأمّا أن يكون المراد إلغاء الاحتمال بحسب العمل فهو يرجع إلى الحكم التكليفي بالعمل ، لأنّ معنى « الغ احتمال الخلاف » حينئذٍ « افعل هذا العمل وامش في مقام العمل طبقاً لمؤدّي الأمارة » وهو في الواقع يرجع إلى المعنى السابق ، وهو إنشاء الحكم المماثل.
وهيهنا مبنى رابع للمحقّق النائيني ، وهو ما مرّ منه في مبحث الأمارات من أنّ الحجّية عبارة عن جعل صفة العلم للظنّ ، فبناءً عليه تكون الحجّية أيضاً من الأحكام الوضعيّة المجعولة بالأصالة كما لا يخفى.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ ما فعله المحقّق الخراساني رحمهالله من جعله الملكية ونحوها في عرض المناسب ( أوّلاً ) وجعله الحجّية في عرض الملكيّة والمناصب من دون أن يفصل بين المذاهب المختلفة في معنى الحجّية ( ثانياً ) في غير محلّه.