الزمان اللاحق كذلك ، وإن كان تحقّقه في السابق خارجياً بأن كان بوجوده الخارجي موضوعاً للاستصحاب ، كما في مثل قولك : « كان زيد عادلاً » وشككنا الآن في عدالته فيعتبر وجوده في اللاحق خارجاً ، وإن كان تحقّقه في السابق في عالم الاعتبار كالملكيّة والزوجيّة فيعتبر وجوده في اللاحق في عالم الاعتبار أيضاً.
وكيف كان ، يعتبر في حجّية الاستصحاب بقاء الموضوع بمعنى وجوده في الزمان اللاحق على نحو وجوده في الزمان السابق ، والدليل عليه ظاهر أخبار الباب كما مرّ ، فإنّ المشكوك فيها هو الحكم بعد إحراز وجود الموضوع.
ثمّ إنّ الشكّ قد يكون من قبيل الشبهات الموضوعيّة وقد يكون من قبيل الشبهات الحكميّة ، والشبهات الموضوعيّة قد تكون على نحو مفاد كان التامّة ، كما إذا كان الشكّ في وجود زيد ، وقد تكون على نحو مفاد كان الناقصة ، كما إذا كان الشكّ في بقاء كرّية الماء ، والشبهات الحكميّة أيضاً على قسمين : تارةً يكون الشكّ في الحكم بوجوه الإنشائي ، واخرى يكون الشكّ فيه بوجوده الفعلي.
هذه أقسام أربعة.
ولا إشكال في جريان الاستصحاب في القسم الأوّل ، ولا يتصوّر فيه دعوى تبدّل الموضوع كما لا يخفى ، بخلاف القسم الثاني ، حيث يتصوّر فيه دعوى تبدّل الموضوع ، فإذا أخذنا من الكرّ مقداراً من الماء وشككنا في بقاء كرّيته أمكن أن يدّعي أنّ هذا الماء ليس هو الماء السابق بالدقّة العقليّة ، فيجري فيه ما سيأتي من المدار في بقاء الموضوع هل هو العقل أو العرف أو غيرهما؟ فانتظر.
وأمّا الشبهات الحكميّة ففي القسم الأوّل منها ، أي ما إذا كان الشكّ في بقاء الحكم الإنشائي وبالمآل في نسخه وعدمه فقد يقال : لا يتصوّر فيه أيضاً تبدّل الموضوع نظراً إلى رجوع إلى الشكّ في وجود الإنشاء وعدمه ( ولكنّه غير خالٍ عن الإشكال كما سيأتي ) كما في القسم الأوّل من الشبهات الموضوعيّة ، بخلاف القسم الثاني منها ، نظير ما إذا شككنا في بقاء نجاسة الماء المتغيّر الذي زال عنه التغيّر ، فيجري فيه أيضاً ـ كالقسم الثاني من الشبهات