__________________
السلطان من المخالفين أو من الشيعة ، بل الشيعي أولى بذلك وإن تردّد فيه الشهيد ، قال : لأنّ من جوّز أخذه الخراج في عصر الأئمّة كانوا من المخالفين ، وهذا غير متوجّه عندنا ؛ لأنّ خلفاء ذلك العصر كانوا من بني مروان ، أو من بني العبّاس ، وكانوا ساكنين في بلاد العراق والشام ، ولو كان لجميع الأوصاف التي كانت فيهم دخل في الحكم لم يجز أخذ الخراج لغير بني مروان وبني العبّاس ، ولكن نعلم عدم تأثير هذه الأوصاف في الحكم ، وكذلك كونهم من المخالفين لا مدخل له ، ولو كان هذا الاحتمال مانعاً من تسرية الحكم لامتنع إثبات أكثر أحكام الشرع في العصور المتأخّرة.
وقال الشيخ المحقّق الأنصاري : مذهب الشيعة أنّ الولاية في الأراضي الخراجيّة إنّما هي للإمام ، أو نائبه الخاصّ ، أو العامّ ، فما يأخذه الجائر المعتقد لذلك إنّما هو شيء يظلم به في اعتقاده معترفاً بعدم براءة ذمّة زارع الأرض من اجرتها شرعاً ، نظير ما يأخذه من الأملاك الخاصّة التي لا خراج عليها ، ولو فرض حصول شبهة الاستحقاق لبعض سلاطين الشيعة من بعض الوجوه لم يدخل بذلك في عناوين الأصحاب قطعاً ؛ لأنّ مرادهم من الشبهة الشبهة من حيث المذهب التي أمضاها الشارع للشيعة ، لا الشبهة في نظر شخص خاصّ. انتهى كلامه.
ومراده أنّ السلطان المخالف لمّا كان الأمر مشتبهاً عليه ، وظنّ نفسه مستحقّاً للخراج ، جاز له أخذه ، وجاز للشيعة أيضاً قبول الخراج منه بخلاف السلطان الشيعي ؛ لأنّ جواز القبول منه فرع جواز الأخذ عليه بشبهته ، وهي تتصوّر منه ، والحقّ ما ذكرنا من أنّ تجويز ذلك للمخالف الذي يبغض الشيعة ويستأصلهم ، ويعذّب أتباع الأئمّة عليهمالسلام ويكفّرهم ويضلّلهم ويدير الدائر عليهم ، ومنعُه من مروّجي المذهب الحقّ الذين يكرمون العلماء ويبنون مشاهد الأئمّة عليهمالسلام ويعينون الزوّار عجيبٌ ، مع أنّ الفرق يحتاج إلى دليل مفقود ، وما الدليل على وجوب وجود الشبهة له في حلّ أخذ الخراج لغيره ، وليس في كتاب ولا في سنّة وإجماع ، لا سيّما تقييد الشبهة بالشبهة الحاصلة من جهة المذهب ، لا الشبهة في نظر شخص خاصّ ، ولو فرضنا العثور على كلمة الشبهة في كلام فقيه فما الدليل على كون مراده الشبهة من جهة المذهب؟ والذي لا ينبغي أن يرتاب فيه أنّ مراد من قيّد بالشبهة الاحتراز من تصويب أخذ ما لا يحتمل حلّيّته ، كالمكوس والجمارك ممّا ليس فيه شبهة ، بل هو حرام قطعاً ، لا يحلّ لأحد ، ولا يريد به الاحتراز عن تصدّي سلاطين الشيعة ؛ لعدم حصول الشبهة لهم. ثمّ إنّا لا نسلّم عدم براءة الزارع من الخراج ، وإن كان أخذه على الجائر حراماً ؛ فإنّ الخراج حقّ ثابت قد خرج من المال ، وقال الشيخ المحقّق المذكور : إنّ المناط فيه ، أي الخراج ما تراضى فيه السلطان ومستعمل الأرض ؛ لأنّ الخراج هي اجرة الأرض ، فينوط برضى الموجر والمستأجر ، نعم لو استعمل أحد الأرض قبل تعيين الاجرة تعيّن عليه اجرة المثل ، وهي مضبوطة عند أهل الخبرة. انتهى.
وهذا الذي ذكره خلاف السيرة ، وهو غير ممكن أيضاً ، والظاهر عدم وجوب رضا الزارع ، بل الخراج يضرب على الأرض من قبل السلطان ، ويجب عليه أن يلاحظ العدل والقدرة والطاقة ، وأمّا رضا الزارع فغير ممكن