والاتّساع العامل فيه بحاله ، وإنما تقيم فيه المضاف إليه مقام المضاف ، أو الظرف مقام الاسم ، فالأول : نحو : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، والمعنى : أهل القرية (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) [البقرة : ١٧٧] ، والثاني : نحو : صيد عليه يومان ، والمعنى : صيد عليه الوحش في يومين. ولد له ستّون عاما ، والمعنى : ولد له الولد لستين ، (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣] ، نهاره صائم وليله قائم : [الرجز]
٤ ـ يا سارق اللّيلة أهل الدّار
والمعنى : مكر في اللّيل ، صائم في النهار ، سارق في اللّيلة ، قال : وهذا الاتّساع في كلامهم أكثر من أن يحاط به.
قال : وتقول : سرت فرسخين يومين ، إن شئت جعلت نصبهما على الظرفية وإن شئت جعلت نصبهما على أنهما مفعولان على السّعة ، وعلى ذلك قولك : سير به يومان ، فتقيم (يومين) مقام الفاعل ، وقال في موضع آخر : إن بابيّ المفعول له ، والمفعول معه نصبا على الاتّساع إذ كان من حقّهما أن لا يفارقهما حرف الجرّ ، ولكنه حذف فيهما ولم يجريا مجرى الظروف في التصرّف ، وفي الإعراب ، وفي إقامتهما مقام الفاعل ، فدلّ ترك العرب لذلك أنهما بابان وضعا في غير موضعهما وأنّ ذلك اتّساع منهم فيهما ، لأن المفعولات كلّها تقدّم وتؤخّر وتقام مقام الفاعل وتقع مبتدأ وخبرا» وهذا كلّه كلام ابن السّراج.
وأنا أشبع القول في هذا الباب لقلّة من عقد له بابا من النحاة فأقول : قال أبو حيان في (شرح التسهيل) : الاتّساع يكون في المصدر المتصرّف فينصب مفعولا به على التوسّع والمجاز ، ولو لم يصحّ ذلك لما جاز أن يبنى لفعل ما لم يسمّ فاعله ، حين قلت : ضرب ضرب شديد ؛ لأن بناءه لفعل ما لم يسمّ فاعله فرع عن التوسّع فيه بنصبه نصب المفعول به ، وتقول : الكرم أكرمته زيدا ، وأنا ضارب الضّرب زيدا.
قال في (البسيط) : وهذا الاتّساع إن كان لفظيا جاز اجتماعه مع المفعول الأصليّ إن كان له مفعول ، وإن كان معنويا بأن يوضع بدل المفعول به فلا يجتمع معه لأنه كالعوض منه حال التوسع نحو قولك : ضرب الضّرب ، على معنى ضرب الذي وقع به الضّرب ضربا شديدا ، فوضعت بدله مصدره ، وقيل : يجوز الجمع بينهما على
__________________
٤ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (١ / ٢٣٣) ، وخزانة الأدب (٣ / ١٠٨ ، و ٤ / ٢٣٣) ، والدرر (٣ / ٩٨) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٦٥٥) ، وشرح المفصّل (٢ / ٤٥) ، والمحتسب (٢ / ٢٩٥) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٠٣).