حرف الضاد
الضرورة
قال أبو حيان : لم يفهم ابن مالك معنى قول النحويين في ضرورة الشعر فقال في غير موضع : ليس هذا البيت بضرورة لأن قائله متمكن من أن يقول كذا ، ففهم أن الضرورة في اصطلاحهم هو الإلجاء إلى الشيء فقال : إنهم لا يلجأون إلى ذلك إذ يمكن أن يقولوا كذا ، فعلى زعمه لا توجد ضرورة أصلا ، لأنه ما من ضرورة إلا ويمكن إزالتها ونظم تركيب آخر غير ذلك التركيب وإنّما يعنون بالضرورة : أن ذلك من تراكيبهم الواقعة في الشعر المختصة به ، ولا يقع في كلامهم النثري ، وإنما يستعملون ذلك في الشعر خاصة دون الكلام ولا يعني النحويون بالضرورة أنه لا مندوحة عن النطق بهذا اللفظ ، وإنما يعنون ما ذكرناه وإلا كان لا توجد ضرورة لأنه ما من لفظ إلا ويمكن الشاعر أن يغيره ، انتهى.
وقال ابن جنّي في (الخصائص) (١) : سألت أبا علي هل يجوز لنا في الشعر من الضرورة ما جاز للعرب أو لا؟.
فقال : كما جاز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم ، فكذا يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم ، فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا ، وما حظرته عليهم حظرته علينا ، وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم ، فليكن من أحسن ضروراتنا ، وما كان من أقبحها عندهم فليكن من أقبحها عندنا ، وما بين ذلك بين ذلك.
فائدة : استعمال الأصل المهجور
قال الأندلسي : يجوز للشاعر استعمال الأصل المهجور كما استعمله من قال : [الرجز]
١٨٦ ـ كأن بين فكّها والفكّ |
|
... |
__________________
(١) انظر الخصائص (١ / ٣٢٣).
١٨٦ ـ الرجز لمنظور بن مرتد في المخصّص (١١ / ٢٠٠) ، والأمالي الشجرية (١ / ١٠) ، وشرح المفصّل (٤ / ١٣٨).