وظاهر هذه البلد حار وباطنها بارد ياس وجوها مضر بالزعفران لأنه يسوس فى أيام قلائل ، والأصح أن الزعفران يرجع يابسا من ذاته إذا فتح رأس الكيس طار اليابس فى الجو وهو الزعفران والجسد لا يزال يحول إلى أن يرجع تراب تارب ، وماء البلد من الآبار ، وأهلها سمر كحل كواسج ضعاف التركيب محلقين الرءوس ، وكذلك جميع المغرب والإسكندرية وأهل مكة والحبشة والبجاة ، لم يحلق المرء رأسه حتى يقتل إنسانا ، ونساء الزنجبار والجوار الزنوج وأهل خوارزم وشعشعين وبلغار وبقابه واللابن والدباليه ، وجميع هؤلاء القضاة منهم والصوفية والأئمة والعامة كبعض الحجاج ، كما قال الله عزوجل : (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)(١) والأطفال واليهود وحجاج الهنود وجميع أعمال اليمن من أهل الجبال والتهائم ، ونساؤهم خلقات وهن رخوات التكك ، وفى كلامهم كثر غنج وهذا دليل على أن شهوة نسائهم أغلب من شهوة رجالهم ، فلذلك يستعملون الطيب لأنه يهيج الباه.
وقال مكحول الشأمى : عليكم بالطيب فإنه من طاب ريحه زاد عقله ، ومن نظف ثوبه قل همه ، وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لو كنت تاجرا لما اخترت على العطر شيئا ، إن فاتنى ربحه لم يفتنى ريحه.
ونساء أهل هذه البلاد لا يأخذن من أزواجهن المهر ، وأخذ المهر عندهم عيب عظيم ، وكل امرأة تأخذ المهر من زوجها يسمونها مفروكة ، أى إن زوجها أعطاها مهرها وفركها ، أى طلقها ، فإذا رجع الأمر إلى ذلك تقل رغبة الرجال فيها لأن الزوج الآتى يقول : أخاف أن تأخذ منى المهر كما أخذت من غيرى ، وقد
__________________
(١) الآية : ٢٧ من سورة الفتح.