سوءا ولا نكبة منها ولا سيء بها أحد منهم قط ، ولنعم الدار هي ، ولكني أريد المناخ على ناحية أهل الشقاق والنفاق والبغض لأئمة الهدى والحب لشجر اللعنة بني أمية ، مع ما فيها من المارقة والمتلصصة ومخيفي السبيل ، ولو لا ذلك ما فارقت بغداد ما حييت ولا خرجت عنها أبدا.
أقول : وبه تتضح الأسباب التي دعت الرشيد إلى اتخاذ الرقة وطنا.
ولاية عبد الله المأمون بن الرشيد سنة ١٩٠
قال ابن جرير : وفي هذه السنة غزا الرشيد الصائفة واستخلف ابنه عبد الله المأمون بالرقة وفوض إليه الأمور وكتب إلى الآفاق بالسمع له والطاعة ودفع إليه خاتم المنصور يتيمن به وهو خاتم الخاصة نقشه ( الله ثقتي آمنت به ).
وفيها فتح الرشيد هرقلة وبث الجيوش والسرايا بأرض الروم وكان دخلها فيما قيل في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألف مرتزق سوى الأتباع وسوى المطوعة وسوى من لا ديوان له ، وأناخ عبد الله بن مالك على ذي الكلاع ووجه داود بن عيسى بن موسى سائحا في أرض الروم في سبعين ألفا. وافتتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة ودمسة وافتتح يزيد ابن مخلد الصفصاف ومقلوبية ، وكان فتح الرشيد هرقلة في شوال وأخربها وسبى أهلها بعد مقام ثلاثين يوما عليها ، وكان شخوصه إلى بلاد الروم لعشر بقين من رجب ، واتخذ قلنسوة مكتوبا عليها [ غاز حاج ] ثم صار الرشيد إلى الطوانة فعسكر بها ثم رحل عنها وخلف عليها عقبة بن جعفر وأمره بناء منزل هنالك ، وبعث نقفور إلى الرشيد بالخراج والجزية عن رأسه وولي عهده وبطارقته وسائر أهل بلده خمسين ألف دينار ، منها عن رأسه أربعة دنانير وعن رأس ابنه استبراق دينارين ، وكتب نقفور مع بطريقين من عظماء بطارقته في جارية من سبي هرقلة كتابا نسخته : لعبد الله هارون أمير المؤمنين من نقفور ملك الروم ، سلام عليك ، أما بعد أيها الملك ، إن لي إليك حاجة لا تضرك في دينك ولا دنياك هينة يسيرة ، أن تهب لابني جارية من بنات هرقلة كنت قد خطبتها على ابني ، فإن رأيت أن تسعفني بحاجتي فعلت والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ، واستهداه أيضا طيبا وسرادقا من سرادقاته ،