بالغلات وغيرها ، ثم إن تتش حصرها هذه السنة وأقام عليها أياما ورحل عنها وملك بزاعة والبيرة ( بره جك ) وأحرق ربض عزاز وعاد إلى دمشق ، فلما رحل عنها تاج الدولة استدعى أهلها شرف الدولة ليسلموها إليه ، فلما قاربها امتنعوا من ذلك ، وكان مقدمهم يعرف بابن الحبيبي العباسي فاتفق أن ولده خرج يتصيد بضيعة له فأسره أحد التركمان وهو صاحب حصن بنواحي حلب وأرسله إلى شرف الدولة ، فقرر معه أن يسلم البلد إليه إذا أطلقه ، فأجابه إلى ذلك فأطلقه فعاد إلى حلب اجتمع بأبيه وعرفه ما استقر ، فأذعن إلى تسليم البلد ونادى بشعار شرف الدولة وسلم البلد إليه ، فدخله سنة ثلاث وسبعين وحصر القلعة واستنزل منها سابقا ووثابا ابني محمود بن مرداس ، فلما ملك البلد أرسل ولده وهو ابن عمة السلطان إلى السلطان يخبره بملك البلد ، وأنفذ معه شهادة فيها خطوط المعدلين بحلب بضمانها وسأل أن يقرر عليه الضمان ، فأجابه السلطان إلى ما طلب وأقطع ابن عمته بالس اه.
قال ابن الأثير : فيها ملك شرف الدولة صاحب الموصل مدينة حران وأخذها من بني وثاب النميريين وصالحه صاحب الرها ونقش السكة باسمه.
سنة ٤٧٥
ذكر حصر شرف الدولة دمشق وعوده منها
قال ابن الأثير : في هذه السنة جمع تاج الدولة تتش جمعا كثيرا وسار عن بغداد وقصد بلاد الروم أنطاكية وما جاورها ، فسمع شرف الدولة صاحب حلب الخبر فخافه ، فجمع أيضا العرب من عقيل والأكراد وغيرهم فاجتمع معه كثير ، فراسل الخليفة بمصر يطلب منه إرسال نجدة إليه ليحصر دمشق ، فوعده ذلك ، فسار إليها ، فلما سمع تتش الخبر عاد إلى دمشق فوصلها أول المحرم سنة ست وسبعين ووصل شرف الدولة أواخر المحرم وحصر المدينة وقاتله أهلها ، وفي بعض الأيام خرج إليه عسكر دمشق وقاتلوه وحملوا على عسكره حملة صادقة فانكشفوا وتضعضعوا وانهزمت العرب وثبت شرف الدولة وأشرف على الأسر وتراجع إليه أصحابه ، فلما رأى شرف الدولة ذلك ورأى أيضا أن مصر لم يصل إليه