وفيها في رمضان دخل نجا غلام سيف الدولة بلاد الروم من ناحية ميافارقين غازيا ، وإنه في رمضان غنم ما قيمته قيمة عظيمة وسبى وأسر وخرج سالما.
سنة ٣٥١
قال ابن الأثير : في هذه السنة في المحرم نزل الروم مع الدمستق على عين زربة ، وهي في سفح جبل عظيم ، وهو مشرف عليها وهم في جمع عظيم ، فأنفذ بعض عسكره فصعدوا إلى الجبل فملكوه ، فلما رأى ذلك أهلها وأن الدمستق قد ضيق عليهم ومعه الدبابات وقد وصل إلى السور وشرع في النقب طلبوا الأمان ، فأمنهم الدمستق ، وفتحوا له باب المدينة فدخلها فرأى أصحابه الذين في الجبل قد نزلوا إلى المدينة ، فندم على إجابتهم إلى الأمان ، ونادى في البلد أول الليل بأن يخرج جميع أهله إلى المسجد الجامع ، ومن تأخر في منزله قتل فخرج من أمكنه الخروج ، فلما أصبح أنفذ رجالته في المدينة وكانوا ستين ألفا ، وأمرهم بقتل من وجدوه في منزله فقتلوا خلقا كثيرا من الرجال والنساء والصبيان ، وأمر بجمع ما في البلد من السلاح فجمع فكان شيئا كثيرا ، وأمر من في المسجد بأن يخرجوا من البلد حيث شاؤوا من يومهم ذلك ، ومن أمسى قتل ، فخرجوا مزدحمين فمات بالزحمة جماعة ، ومروا على وجوههم لا يدرون أين يتوجهون ، فماتوا في الطرقات ، وقتل الروم من وجدوه بالمدينة آخر النهار وأخذوا كل ما خلفه الناس من أموالهم وأمتعتهم وهدموا سوري المدينة (١) ، وأقام الدمستق في بلد الإسلام أحدا وعشرين يوما وفتح حول عين رزبة (٢) أربعة وخمسين حصنا
__________________
(١) زاد ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية عند ذكره لهذه الحوادث أنه قطع من حول البلد أربعين ألف نخلة.
(٢) قال ياقوت في معجم البلدان [ عين زربي ] بفتح الزاي وسكون الراء : بلد بالثغر من نواحي المصيصة ، قال ابن الفقيه : كان تجديد زربي وعمارتها على يد أبي سليمان التركي الخادم في حدود سنة ١٩٠ ، وكان قد ولي الثغور من قبل الرشيد ثم استولى عليها الروم فخربوها ، فأنفق سيف الدولة ثلاثة آلاف ألف درهم حتى أعاد عمارتها ، ثم استولى عليها في أيام سيف الدولة وهي في أيديهم إلى الآن ، وأهلها اليوم أرمن وهي من أعمال ابن ليون ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم منهم أبو محمد إسماعيل بن علي الشاعر العين زربي القائل :
و حقكم لا زرتكم في دجنة |
|
من الليل تخفيني كأني سارق |
و لا زرت إلا والسيوف هواتف |
|
إلي وأطراف الرماح لواحق |
قال الواقدي : ولما كانت سنة ١٨٠ أمر الرشيد ببناء مدينة عين زربي وتحصينها وندب إليها ندبة من أهل خراسان وغيرهم وأقطعهم بها المنازل ، ثم لما كانت أيام المعتصم نقل إليها وإلى نواحيها قوما من الزط الذين كانوا قد غلبوا على البطائح بين واسط والبصرة فانتفع أهل الثغر بهم. اه.