عصيانه ، ففتحوا له البلد وسلموه إليه ، وسار السلطان بنفسه وعساكره إلى بلاد شرف الدولة ليملكها فأتاه الخبر بخروج أخيه تكش بخراسان على ما نذكره ، ورأى شرف الدولة قد خلص من الحصر فأرسل مؤيد الملك بن نظام الملك إلى شرف الملك وهو مقابل الرحبة فأعطاه العهود والمواثيق وأحضره عند السلطان وهو بالبوازيج ، فخلع عليه آخر رجب ، وكانت أمواله قد ذهبت فاقترض ما خدم به وحمل للسلطان خيلا رائعة من جملتها فرسه بشار وهو فرسه المشهور الذي نجا عليه من المعركة ومن آمد أيضا ، وكان سابقا لا يجارى ، فأمر السلطان بأن يسابق به الخيل فجاء سابقا ، فقام السلطان قائما لما تداخله من العجب ، وأرسل الخليفة طرادا الزينبي في لقي شرف الدولة فلقيه بالموصل فزاد أمر شرف الدولة قوة وصالحه السلطان وأقره على بلاده وعاد إلى خراسان لحرب أخيه.
ذكر فتح سليمان بن قتلمش أنطاكية
قال ابن الأثير : في هذه السنة سار سليمان بن قتلمش صاحب قونية وأقصرا وأعمالها من بلاد الروم إلى بلاد الشام فملك مدينة أنطاكية من أرض الروم ، وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، وسبب ملك سليمان المدينة أن صاحبها الفردوس الرومي كان قد سار عنها إلى بلاد الروم ورتب بها شحنة ، وكان الفردوس مسيئا إلى أهلها وإلى جنده أيضا ، حتى إنه حبس ابنه ، فاتفق ابنه والشحنة على تسليم البلد إلى سليمان بن قتلمش وكاتبوه يستدعونه ، فركب البحر في ثلاثمائة فارس وكثير من الرجال وخرج منه وسار في جبال وعرة ومضايق شديدة حتى وصل إليها للموعد فنصب السلاليم باتفاق من الشحنة ومن معه وصعد السور واجتمع بالشحنة وأخذ البلاد في شعبان ، فقاتله أهل البلد فهزمهم مرة بعد أخرى وقتل كثيرا من أهلها ، ثم عفا عنهم وتسلم القلعة المعروفة بالقسيان وأخذ من الأموال ما يجاوز الإحصاء وأحسن إلى الرعية وعدل فيهم وأمرهم بعمارة ما خرب ومنع أصحابه من النزول في دورهم ومخالطتهم ، ولما ملك سليمان أنطاكية أرسل إلى السلطان ملكشاه البشارة به وهنأه الناس ، فممن قال فيه الأبيوردي من قصيدة مطلعها :
لمعت كناصية الحصان الأشقر |
|
نار بمعتلج الكثيب الأعفر |