أراد الغدر بك لا يمنعه من عندك ، فأطلقهم ، فلما دخل البلد حمل ابن لؤلؤ إليه أكثر مما استقر ، وكان قد تقرر عليه مائتا ألف دينار ومائة ثوب وإطلاق كل أسير عنده من بني كلاب ، ورحل صالح.
ذكر عصيان فتح غلام مرتضي الدولة منصور
واستيلائه على حلب سنة ٤٠٦
قال ابن الأثير : لما رحل صالح أراد ابن لؤلؤ قبض غلامه فتح ، وكان دزدار القلعة لأنه اتهمه بالممالاة على الهزيمة ، وكان خلاف ظنه ، فأطلع على ذلك غلاما له اسمه مسرور وأراد أن يجعله مكان فتح ، فأعلم مسرور بعض أصدقائه يعرف بابن غانم ، وسبب إعلامه أنه حضر عنده وكان يخاف ابن لؤلؤ لكثرة ماله ، فشكا إلى مسرور ذلك فقال له : سيكون أمر تأمن معه ، فسأله فكتمه ، فلم يزل يخدعه حتى أعلمه الخبر ، وكان بين ابن غانم وبين فتح مودة فصعد إليه بالقلعة متنكرا فأعلمه الخبر وأشار عليه بمكاتبة الحاكم صاحب مصر ، وأمر ابن لؤلؤ أخاه أبا الجيش بالصعود إلى القلعة بحجة افتقاد الخزائن ، فإذا صار فيها قبض على فتح وأرسل إلى فتح يعلمه أنه يريد افتقاد الخزائن ويأمره بفتح الأبواب ، فقال فتح : إنني قد شربت اليوم دواء وأسأل تأخير الصعود في هذا اليوم ، فإنني لا أثق في فتح الأبواب لغيري ، وقال للرسول : إذا لقيته فاردده ، فلما علم ابن لؤلؤ الحال أرسل والدته إلى فتح ليعلم سبب ذلك ، فلما صعدت إليه أكرمها وأظهر لها الطاعة ، فعادت وأشارت على ابنها بترك محاققته ففعل ، وأرسل إليه يطلب جوهرا كان له بالقلعة ، وأشارت والدة ابن لؤلؤ عليه بأن يتمارض ويظهر شدة المرض ويستدعي فتحا لينزل إليه ليجعله وصيا ، فإذا حضر قبضه ففعل ذلك ، فلم ينزل فتح واعتذر ، وكاتب الحاكم وأظهر طاعته وخطب له وأظهر العصيان على أستاذه وأخذ من الحاكم صيدا وبيروت وكل ما في حلب من الأموال ، وخرج ابن لؤلؤ من حلب إلى أنطاكية وبها الروم فأقام عندهم.
قال في المختار من الكواكب المضية : كان خروج مرتضي الدولة منصور بن لؤلؤ هاربا إلى بلد الروم سادس رجب سنة ست وأربعمائة ، ولما هرب استولى فتح اللؤلؤي على