وملكوه هو لك لا حرج عليك فيما تأخذه منهم ، ولا حنث في الأيمان التي حلفت بها ، ومهما كان فيها من وزر وإثم فعلي دونك ، فلما سمع هذا القول أصغى إليه وغدر بهم وقبض على جميع ما كان معهم ، فما كان أسوأ محضر هذا القاضي الذي حسن لسعد الدولة تسويل الشيطان وأفتاه بنقض الأيمان ، ثم لم يقنع بما زين له من غدره ولبس عليه من أمره حتى تكفل له بحمل وزره ، وهل أحد حامل وزر غيره ، أما سمع قول الله تعالى في أهل الضلالة وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون .
وكان أولاد بكجور كتبوا إلى العزيز بما جرى على والدهم وسألوه مكاتبة سعد الدولة بالإبقاء عليهم.
ذكر ما جرى بين صاحب مصر وسعد الدولة من المراسلات
وما اتفق من وفاة سعد الدولة بعقب ذلك
كتب صاحب مصر إليه كتابا يتوعده فيه ويأمره بالإبقاء عليهم وتسييرهم إلى مصر موفورين ويقول في آخره : فإن خالفت كنت خصمك ووجهت العساكر نحوك ، وأنفذ الكتاب مع فائق الصقلبي أحد خوله وسيره على نجيب إسراعا به ، فوصل فائق إلى سعد الدولة وقد وصل من الرقة إلى ظاهر حلب وأوصل إليه الكتاب ، فلما وقف عليه جمع وجوه عسكره وقرأه عليهم ثم قال لهم : ما الرأي عندكم ؟ قالوا له : نحن عبيد طاعتك ومهما أمرتنا به كنا عند طاعتك منه ، فأمر بإحضار فائق فأهانه وقال له : عد إلى صاحبك وقل له : لست ممن يستفزه وعيدك وما بك حاجة إلى تجهيز عسكر إلي ، فإنني سائر إليك وخبري يأتيك من الرملة ، وقدم قطعة من عسكره إلى حمص أمامه ، وعاد فائق إلى صاحبه فعرفه ما سمعه ورآه فأزعجه وأقلقه.
وأقام سعد الدولة بظاهر حلب أياما ليرتب أموره ويتبع العسكر الذي تقدمه ، فعرض له القولنج ، وعاد إلى البلد متداويا وأبلّ وهني بالسلامة وعول على العود إلى