السلطان بينه وبين حلب ستة فراسخ واقتتلوا واشتد القتال ، فخامر بعض العسكر الذين مع آقسنقر فأخذ أسيرا وأحضر عند تتش فقال له : لو ظفرت بي ما كنت تصنع ؟ قال : كنت أقتلك ، فقال له : أنا أحكم عليك بما كنت تحكم علي ، فقتله صبرا ، وسار نحو حلب وكان قد دخل إليها كربوقا وبوزان فحفظاها منه وحصرها تتش ولج في قتالها حتى ملكها سلمها إليه المقيم بقلعة الشريف ومنها دخل البلد وأخذهما أسيرين وأرسل إلى حران والرها ليسلمها من بهما ، وكانتا لبوزان فامتنعوا من التسليم إليه ، فقتل بوزان وأرسل رأسه إليهم وتسلم البلدين ، وأما كربوقا فإنه أرسله إلى حمص فسجنه بها إلى أن أخرجه الملك رضوان بعد قتل أبيه تتش. وكان قسيم الدولة أحسن الأمراء سياسة لرعيته وحفظا لهم وكانت بلاده بين رخص عام وعدل شامل وأمن واسع ، وكان قد شرط على أهل كل قرية من بلاده متى أخذ عندهم قفل أو أحد من الناس غرم أهلها جميع ما يؤخذ من الأموال من قليل وكثير ، فكانت السيارة إذا بلغوا قرية من بلاده ألقوا رحالهم وناموا وحرسهم أهل القرية إلى أن يرحلوا فأمنت الطريق ، وأما وفاؤه وحسن عهده فيكفيه فخرا أنه قتل في حفظ بيت صاحبه وولي نعمته ، فلما ملك تتش حران والرها سار إلى الديار الجزرية فملكها جميعها ثم ملك ديار بكر وخلاط وسار إلى أذربيجان فملك بلادها كلها ، ثم سار منها إلى همدان فملكها ورأى بها فخر الملك بن نظام الملك وكان بخراسان فسار منها إلى السلطان بركياروق ليخدمه فوقع عليه الأمير قماح وهو من عسكر محمود بن السلطان ملكشاه بأصبهان فنهب فخر الملك فهرب منه ونجا بنفسه ، فجاء إلى همدان فصادفه تتش بها فأراد قتله فشفع فيه باغيسيان وأشار عليه أن يستوزره لميل الناس إلى بيته ، فاستوزره وأرسل إلى بغداد يطلب الخطبة من الخليفة المستظهر بالله وكان شحنته ببغداد إيتكين جب فلازم الخدمة بالديوان وألح في طلبها فأجيب إلى ذلك بعد أن سمعوا أن بركياروق قد انهزم من عسكر عمه تتش ، وساق الخبر في ذلك ، ولما ملك تتش حلب قرر فيها الحسن بن علي الخوارزمي وحكمه في البلد والقلعة.
ترجمة آقسنقر :
قال ابن العديم : آقسنقر بن عبد الله المعروف بقسيم الدولة مملوك السلطان أبي الفتح ملك شاه ، وقيل إنه لصيق له ، وقيل اسم أبيه آل ترغان من قبيلة سابيو ، نقلت