الساج ومن معه فمضى منهزما واستبيح معسكره وأخذت الأثقال والدواب وجميع ما فيه ، وكان قد خلف بحمص شيئا كثيرا ، فسير إليه خمارويه قائدا في طائفة من العسكر جريدة فسبقوا ابن أبي الساج إليها ومنعوه من ثم منها إلى الرقة فتبعه خمارويه ففارق الرقة فعبر خمارويه الفرات وسار في أثر ابن أبي الساج فوصل خمارويه إلى مدينة بلد ، وكان قد سبقه ابن أبي الساج إلى الموصل ، فلما سمع ابن أبي الساج بوصوله إلى بلد سار عن الموصل إلى الحديثة ، وأقام خمارويه ببلد وعمل له سريرا طويل الأرجل فكان يجلس عليه في دجلة.
ذكر الحرب بين ابن كنداج وبين ابن أبي الساج
قال ابن الأثير : لما انهزم ابن كنداج من ابن أبي الساج كما ذكرناه ( أي في أول سنة ٢٧٤ ) أقام إلى أن انهزم ابن أبي الساج من خمارويه ، فلما وافى خمارويه بلدا أقام بها مع إسحق بن كنداج جيشا كثيرا وجماعة من القواد ورحل يطلب ابن أبي الساج ، فمضى بين يديه وابن كنداج يتبعه إلى تكريت ، فعبر ابن أبي الساج دجلة وأقام ابن كنداج وجمع السفن ليعمل جسرا يعبر عليه ، وكان يجري بين الطائفتين مراماة ، وكان ابن أبي الساج في نحو ألفي فارس وابن كنداج في عشرين ألفا ، فلما رأى ابن أبي الساج اجتماع السفن سار عن تكريت إلى الموصل ليلا فوصل إليها في اليوم الرابع فنزل بظاهرها عند الدير الأعلى ، وسار ابن كنداج يتبعه فوصل إلى الفريق ، فلما سمع ابن أبي الساج خبره سار إليه فالتقوا واقتتلوا عند قصر حرب فاشتد القتال بينهم وصبر ابن أبي الساج صبرا عظيما لأنه كان في قلة فنصره الله وانهزم ابن كنداج وجميع عسكره ومضى منهزما ، وكان أعظم الأسباب في هزيمته بغيه ، فإنه لما قيل له إن ابن أبي الساج قد أقبل نحوك من الموصل ليقاتلك قال : أستقبل الكلب ، فعد الناس هذا بغيا وخافوا منه ، فلما انهزم وسار إلى الرقة وتبعه محمد إليها وكتب إلى أبي أحمد الموفق يعرفه ما كان منه ويستأذنه في عبور الفرات إلى الشام بلاد خمارويه فكتب إليه الموفق يشكره ويأمره بالتوقف إلى أن يصله الأمداد من عنده ، وأما ابن كنداج فإنه سار إلى خمارويه فسير معه جيشا فوصلوا إلى الفرات ، فكان إسحق ابن كنداج على الشام وابن أبي الساج بالرقة ، ووكل بالفرات من يمنع من عبورها فبقوا كذلك مدة ، ثم إن ابن كنداج سير طائفة من عسكره فعبروا الفرات في غير ذلك الموضع وساروا