سنة ٢٧٤
قال ابن الأثير : وفيها جمع إسحق بن كنداج جمعا كثيرا وسار نحو الشام فبلغ الخبر خمارويه فسار إليه وقد عبر الفرات ، فالتقيا وجرى بين الطائفتين قتال شديد انهزم فيه إسحق هزيمة عظيمة لم يرده شيء حتى عبر الفرات وتحصن بها ، وسار خمارويه إلى الفرات فعمل جسرا ، فلما علم إسحق بذلك سار من هناك إلى قلاع له قد أعدها وحصنها وأرسل إلى خمارويه يخضع له ويبذل له الطاعة في جميع ولايته وهي الجزيرة وما والاها فأجابه إلى ذلك وصالحه ابن أبي الساج أي صالح لابن كنداج.
قال في زبدة الحلب : لما أعطى ابن أبي الساج ولده رهينة لخمارويه دفع خمارويه له ثلاثين ألف دينار فقال ابن أبي الساج ( صوابه ابن كنداج ) : خدعكم إذ أعطاكم بولة يبول مثلها في كل ليلة مرات وأخذ منكم ثلاثين ألفا ، ثم إن ابن أبي الساج نكث عهده مع أبي الجيش خمارويه والتقيا بالثنية من أعمال دمشق فانهزم ابن أبي الساج فاستبيح عسكره أسرا وقتلا ، وفي ذلك يقول البحتري :
و قد تدلت جيوش النصر منزلة |
|
على جيوش أبي الجيش بن طولونا |
يوم الثنية إذ ثنى بكرته |
|
خمسين ألفا رجالا أو يزيدونا |
قال ابن الأثير : لما انهزم ابن أبي الساج أحضر خمارويه ولده وكان رهينة عنده فخلع عليه وأطلقه وسيره إلى أبيه وعاد إلى مصر.
قال في زبدة الحلب : وكتب إلى ابن أبي الساج يوبخه ويقول له : كان يجب يا قليل المروءة والأمانة أن نصنع برهنك ما أوجبه غدرك ، معاذ الله أن تزر وازرة وزر أخرى. ورجع أبو الجيش خمارويه إلى مصر في سنة خمس وسبعين ومائتين ، ولهذه الوقائع زيادة تفصيل في ابن الأثير في حوادث سنة ٢٧٥ قال : قد ذكرنا اتفاق ابن أبي الساج على خمارويه ، فسمع خمارويه الخبر فسار من مصر في عساكره نحو الشام فقدم إليه آخر سنة أربع وسبعين ، فسار ابن أبي الساج إليه فالتقوا عند ثنية العقاب بقرب دمشق واقتتلوا في المحرم من هذه السنة وكان القتال بينهما ، فانهزمت ميمنة خمارويه وأحاط باقي عسكره بابن أبي