وأحسنت إلى الأجناد وراسلت آقسنقر البرسقي وهو على الرها واستدعت منه بعض أصحابه لتطيعه ، فسير إليها الأمير سنقر دزدار صاحب الخابور ، فلما وصل إليها أكرمته وحملت إليه مالا كثيرا ، وبينما هو عندها إذ جاء جمع من الفرنج فواقعوا أصحابه وهم نحو مائة فارس واقتتلوا قتالا شديدا ظفر فيه المسلمون بالفرنج وقتلوا منهم أكثرهم ، وعاد سنقر دزدار وقد أصحبته الهدايا للملك مسعود والبرسقي وأذعنت بالطاعة ، ولما عرف الفرنج ذلك عاد كثير ممن عندها إلى أنطاكية.
سنة ٥٠٩
إرسال السلطان محمد بن ملكشاه العساكر إلى حلب بقيادة برسق
وافتتاح كفر طاب وما جرى بعد ذلك لاختلاف كلمة الأمراء
قدمنا ما كتب به لؤلؤ إلى السلطان محمد وأنه طلب منه إنفاذ العساكر. قال ابن العديم : فإنه أرسل برسق بن برسق مقدم الجيوش وبكربسن وغيرهم من أمراء السلطان في سنة تسع وخمسمائة ، فتغيرت نية لؤلؤ الخادم عما كان يكتب به إلى السلطان وكتب إلى أتابك طغتكين يستصرخه ويستنجده ووعده تسليم حلب إليه وأن يعوضه طغتكين من أعمال دمشق ، فبادر إلى ذلك ووصل حلب والعساكر السلطانية ببالس متوجهين إلى حلب ، فرحلوا منها إلى النقرة ووصلهم الخبر أن ذلك اليوم وصل أتابك إلى حلب فأعرضوا عن حلب وساروا إلى حماة وتسلموا رفنيّة من أولاد علي كرد وسلموها إلى خير خان بن قرجا ، فخاف طغتكين من عساكر السلطان أن يقصد دمشق فأخذ عسكر حلب وشمس الخواص وإيلغازي بن أرتق واستنجد بصاحب أنطاكية روجار وغيره من ملوك الفرنج ونزلوا أجمعون أفامية ونزلت العساكر السلطانية أرض شيزر ، وجعل أتابك يريث الفرنج عن اللقاء خوفا من الفرنج أن ينكسر العساكر السلطانية فيأخذوا الشام جميعه أو ينكسروا فيستولي العساكر السلطانية على ما في يده ، وخاف الفرنج وضاقت صدور أمراء عسكر السلطان من المصابرة فرحلوا ونزلوا حصن الأكراد وأشرف على الأخذ ، فاتفق أتابك والفرنج على عود كل قوم إلى بلادهم ، ففعلوا ذلك وتوجه أتابك إلى دمشق وعاد عسكر