الموصل بتواقيع السلطان محمود ، فسير إليه شهاب الدين مالك بن سالم صاحب قلعة جعبر وأعلمه بأحوال حلب وحصارها ، فسير أتابك إليها عسكرا مع الأمير سنقر دراز والأمير الحاجب صلاح الدين حسن ودخل الأمير صلاح الدين فأصلح الحال ووفق بينهما على أن استدعيا أتابك زنكي من الموصل ، فتوجه بالجيوش إلى حلب ، وقيل إن بدر الدولة وختلغ سارا إليه ، وقيل إن ختلغ أبه لم يزل بالقلعة حتى وصل أتابك فنزل إليه وصعد أتابك إلى القلعة يوم الاثنين سابع عشر جمادى الآخرة من سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وأما الملك إبراهيم بن رضوان فإنه هرب منه إلى نصيبين وكانت في إقطاعه إلى أن مات ، وأما ختلغ أبه فإنه سلمه إلى فضايل بن بديع فكحله بداره ثم قتله أتابك بعد ذلك ، وقيل إن بدر الدولة هرب منه عند ذلك وهرب فضائل بن بديع إلى قلعة ابن مالك خوفا من أتابك.
وولى أتابك رياسة حلب الرئيس صفي الدين أبا الحسن علي بن عبد الرزاق العجلاني البالسي ، فسلك أجمل طريقة مع الناس ، وخرج أتابك من حلب وسار حتى نزل أرض حماة فوصله صمصام الدين خير خان بن قراحا وتأكدت بينهما مودة لم تحمد عاقبتها فيما نذكره بعد ، ولذلك وصله سونج بن تاج الملوك.
ثم سار أتابك بعد ذلك فوطىء بساط السلطان في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة وعاد بالتواقيع السلطانية بملك الغرب كله ، ودخل الموصل ثم فتح قلعة السن وتوجه إلى حلب ورعى عسكره زرع الرها ، وعبر أتابك الفرات إلى حلب بتوقيع السلطان محمود ، وقد كان السلطان آثر أن تكون البلاد لدبيس فقبح المسترشد ذلك وكاتب السلطان وقال له في ما قال : إن هذا أعان الفرنج على المسلمين وكثر سوادهم ، فبطل التدبير واستقر ملك أتابك بالموصل والجزيرة والرحبة وحلب والتوقيع له بجميع البلاد الشامية وغيرها. وتزوج أتابك خاتون بنت الملك رضوان وبنى بها في دير الزبيب ، وكانت معه إلى أن فتح الخزانة بحلب واعتبر ما فيها فرأى الذي كان على أبيه آقسنقر حين قتله تتش جدها وهو ملوث بالدم ، فهجرها من ذلك اليوم ، وقيل إنه هدم المشهد الذي على قبر رضوان عند ذلك. ودام أتابك مهاجرا لها إلى أن دخلت على القاضي أبي غانم قاضي حلب وشكت حالها ، فصعد إليه وكان جبارا إلا أنه ينقاد إلى الحق وإذا خوف بالله خاف ، فخرج ليركب ، فلما