للمسلمين بعضها بالسيف وبعضها بالأمان ، وإن حصنا من تلك الحصون التي فتحت بالأمان أمر أهله بالخروج منه ، فخرجوا فتعرض أحد الأرمن ببعض حرم المسلمين فلحق المسلمين غيرة عظيمة ، فجردوا سيوفهم فاغتاظ الدمستق لذلك ، فأمر بقتل جميع المسلمين وكانوا أربعمائة رجل وقتل النساء والصبيان ، ولم يترك إلا من يصلح أن يسترق ، فلما أدركه الصوم انصرف على أنه يعود بعد العيد ، وخلف جيشه بقيسارية ، وكان ابن الزيات صاحب طرسوس قد خرج في أربعة آلاف رجل من الطرسوسيين فأوقع بهم الدمستق فقتل أكثرهم وقتل أخا لابن الزيات ، فعاد إلى طرسوس ، وكان قد قطع الخطبة لسيف الدولة بن حمدان ، فلما أصابهم هذا الوهن أعاد أهل البلد الخطبة لسيف الدولة وراسلوه بذلك ، فلما علم ابن زيات حقيقة الأمر صعد إلى روشن في داره فألقى نفسه منه إلى نهر تحته فغرق ، وراسل أهل بغراس الدمستق وبذلوا له مائة ألف درهم فأقرهم وترك معارضتهم.
ذكر استيلاء الروم على مدينة حلب
وعودهم عنها بغير سبب
قال ابن الأثير : في هذه السنة استولى الروم على مدينة حلب دون قلعتها ، وكان سبب ذلك أن الدمستق نقفور سار إلى حلب ولم يشعر به المسلمون لأنه كان قد خلف عسكره بقيسارية ، ودخل بلادهم كما ذكرناه ، فلما قضي صوم النصارى خرج إلى عسكره من البلاد جريدة ولم يعلم به أحد وسار بهم ، وعند وصوله سبق خيله وكبس مدينة حلب ولم يعلم به سيف الدولة بن حمدان ولا غيره ، فلما بلغها وعلم سيف الدولة الخبر أعجله الأمر عن الجمع والاحتشاد فخرج إليه فيمن معه فقاتله ، فلم يكن قوة الصبر لقلة من معه ، فقتل أكثرهم ولم يبق من أولاد داود بن حمدان أحد قتلوا جميعهم ، فانهزم سيف الدولة في نفر يسير وظفر الدمستق بداره ، وكانت خارج مدينة حلب تسمى الدارين ، فوجد فيها لسيف الدولة ثلثمائة بدرة من الدراهم ، وأخذ له ألفا وأربعمائة بغل ومن خزائن