وهرب من في أرتاح إلى حلب وملكه الفرنج وهرب أصبهبذ صباوو إلى طغتكين أتابك بدمشق فصار معه ومن أصحابه.
سنة ٤٩٩
ذكر ملك الفرنج حصن أفامية
في هذه السنة ملك الفرنج حصن أفامية ، وسبب ذلك أن خلف بن ملاعب الكلابي كان متغلبا على حمص وكان الضرر به عظيما ورجاله يقطعون الطريق ، فكثر الحرامية عنده فأخذها منه تتش بن آلب أرسلان وأبعده عنها فتقلبت به الأحوال إلى أن دخل إلى مصر فلم يلتفت إليه من بها ، فأقام بها واتفق أن المتولي لأفامية من جهة الملك رضوان أرسل إلى صاحب مصر وكان يميل إلى مذهبهم يستدعي منهم من يسلم إليه الحصن وهو من أمنع الحصون ، وطلب ابن ملاعب منهم أن يكون هو المقيم به وقال : إنني أرغب في قتال الفرنج وأوثر الجهاد ، فسلموه وأخذوا رهائنه ، فلما ملكه خلع طاعتهم ولم يرع حقهم فأرسلوا إليه يتهددونه بما يفعلونه بولده الذي عندهم ، فأعاد الجواب إنني لا أنزل من مكاني وابعثوا إليّ ببعض أعضاء ولدي حتى آكله ، فأيسوا من رجوعه إلى الطاعة وأقام بأفامية يخيف السبيل ويقطع الطريق واجتمع عنده كثير من المفسدين ، فكثرت أمواله ، ثم إن الفرنج ملكوا سرمين وهي من أعمال حلب وأهله غلاة في التشيع ، فلما ملكه الفرنج تفرق أهله فتوجه القاضي الذي به إلى ابن ملاعب وأقام عنده فأكرمه وأحبه ووثق به فأعمل القاضي الحيلة عليه وكتب إلى أبي طاهر المعروف بابن الصائغ وهو من أعيان أصحاب الملك رضوان ووجوه الباطنية ودعاتهم ووافقهم على الفتك بابن ملاعب وأن يسلم أفامية إلى الملك رضوان ، فظهر شيء من هذا ، فأتى إلى ابن ملاعب أولاده وكانوا قد تسللوا إليه من مصر وقالوا له : قد بلغنا عن هذا القاضي كذا وكذا والرأي أن تعاجله وتحتاط لنفسك فإن الأمر قد اشتهر وظهر ، فأحضره ابن ملاعب فأتاه في كمه مصحف لأنه رأى أمارات الشر فقال له ابن ملاعب ما بلغه عنه ، فقال له : أيها الأمير قد علم كل أحد أني أتيتك خائفا جائعا فأمنتني وأغنيتني وعززتني فصرت ذا مال وجاه ، فإن كان بعض من حسدني على منزلتي منك وما غمرني من نعمتك سعى بي إليك فأسألك أن