سنة ٥٢٥
عود عماد الدين زنكي إلى الموصل
قال ابن العديم : وفي سنة خمس وعشرين وخمسمائة توجه أتابك إلى الموصل واستصحب معه سونج بن تاج الملوك وبعض المقدمين من عسكر دمشق وترك الباقين بحلب ، وترددت المراسلات في إطلاقهم فلم يفعل والتمس عنهم خمسين ألف دينار أجاب تاج الملوك إلى حملها فحملها.
ووقع في هذه السنة وقعة بين جوسلين وسوار بناحية حلب الشمالية فكانت الغلبة لجوسلين وقتل من المسلمين جماعة ، وخرج سوار بعد ذلك وهجم ربض الأثارب ونهبه اه.
فتح عماد الدين زنكي حصن الأثارب وهزيمة الفرنج
قال ابن الأثير في حوادث هذه السنة : لما فرغ عماد الدين زنكي من أمر البلاد الشامية حلب وأعمالها وما ملكه وقرر قواعده عاد إلى الموصل وديار الجزيرة ليستريح عسكره ، ثم أمرهم بالتجهز للغزاة فتجهزوا وأعدوا واستعدوا ، وعاد إلى الشام وقصد حلب فقوي عزمه على قصد حصن الأثارب ومحاصرته لشدة ضرره على المسلمين. وهذا الحصن بينه وبين حلب نحو ثلاثة فراسخ واقع بينها وبين أنطاكية ، وكان من به من الفرنج يقاسمون حلب على جميع أعمالها الغربية حتى على رحى لأهل حلب بظاهر باب الجنان بينها وبين البلد عرض الطريق [ هي طاحون عربية الآن ] وكان أهل البلد معهم في ضر شديد وضيق كل يوم قد أغاروا عليهم ونهبوا أموالهم ، فلما رأى الشهيد هذه الحال صمم العزم على حصر هذا الحصن فسار إليه ونازله ، فلما علم الفرنج بذلك جمعوا فارسهم وراجلهم وعلموا أن هذه وقعة لها ما بعدها ، فحشدوا وجمعوا ولم يتركوا من طاقتهم شيئا إلا واستنفدوه ، فلما فرغوا من أمرهم ساروا نحوه فاستشار أصحابه فيما يفعل ، وكل أشار بالعود عن الحصن فإن لقاء الفرنج في بلادهم خطر لا يدرى على أي شيء تكون العاقبة ، فقال لهم : إن الفرنج متى رأونا قد عدنا من أيديهم طمعوا وساروا في إثرنا وخربوا بلادنا ولا بد من لقائهم