وأرسل أبا القاسم الحسين بن علي المغربي لتقدير ذلك ومعه هدية بعشرة آلاف دينار منها ثلاثمائة مثقال مسك ، وأنفق سيف الدولة على الفداء ثلاثمائة ألف دينار.
ذكر نزول الروم على أنطاكية وما كان بينهم وبين
سيف الدولة
وقال أيضا : وفيها سار طاغية الروم بجيوشه إلى الشام ، فعاث وأفسد وأقام به نحو خمسين يوما ، فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة يقول : إن نقفور قد عسكر بالدرب ومنع رسولنا ابن المغربي أن يكتب بشيء ، فقال لا أجيب سيف الدولة إلا من أنطاكية ليذهب من الشام فإنه لنا ويمضي إلى بلده ويهادن عنه ، وإن أهل أنطاكية راسلوا نقفور وبذلوا له الطاعة وأن يحملوا إليه مالا ، وإنه التمس منهم يد يحيى بن زكريا عليهماالسلام والكرسي وأن يدخل بيعة أنطاكية ليصلي فيها ويسير إلى بيت المقدس ، وكان الذي جر خروجه وأحنقه إحراق بيعة المقدس في هذا العام ، وكان البترك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قصور يده عن استيفاء حقوق البيعة ، فكاتب متولي القدس بالشد على يده فجاءه من الناس ما لم يطق دفعه ، فقتلوا البترك وحرقوا البيعة وأخذوا زينتها ، فراسل كافور طاغية الروم بأن يرد البيعة إلى أفضل ما كانت ، فقال : بل أنا أبنيها بالسيف. وأما ناصر الدولة فكتب إلى أخيه إن أحب سيره إليه سار وإن أحب حفظه ديار بكر سار إليها ، وبث سراياه وأصعد سيف الدولة والناس إلى قلعة حلب وشحنها ، وانجفل الناس وعظم الخطب وأخليت نصيبين ، ثم نزل عظيم الروم بجيوشه على منبج وأحرق الربض ، وخرج إليه أهلها فأقرهم ولم يؤذهم ، ثم سار إلى وادي بطنان وسار سيف الدولة متأخرا إلى قنسرين ، ورجاله والأعراب قد ضيقوا الخناق على الروم فلا يتركون لهم علوفة تخرج إلا أوقعوا بها. وأخذت الروم أربع ضياع بما حوت ، فراسل سيف الدولة ملك الروم وبذل له مالا يعطيه إياه في ثلاثة أقساط ، فقال : لا أجيبه إلا أن يعطيني نصف الشام ، فإن طريقي إلى ناحية الموصل على الشام ، فقال سيف الدولة : لا أعطيه ولا حجرا واحدا.