عندهم ، فكان لؤلؤ يبتاع القفيز من الحنطة بثلاثة دنانير ويبيعها على الناس بدينار رفقا بهم ويفتح الأبواب في الأيام ويخرج من البلد من تمنعه المضرتان عن المقام (١).
وأشير على منجوتكين بتتبع من يخرج وقتله ليمتنع الناس من الخروج ليضيق الأقوات عندهم فلم يفعل ، وأنفذ لؤلؤ في أثناء هذه الأحوال ملكوتا إلى بسيل عظيم الروم معاودا لاستنجاده ، وكان بسيل قد توسط بلاد البلغر فقصده ملكوتا إلى موضعه وأوصل إليه الكتاب وقال له : متى أخذت حلب فتحت أنطاكية بعدها وأتعبك التلاقي ، وإذا سرت بنفسك حفظت البلدين وسائر الأعمال.
ذكر مسير بسيل إلى الشام لقتال العساكر المصرية وما جرى عليه أمره في ذلك
قال الوزير : لما سمع بسيل قول ملكوتا سار نحو حلب وبينه وبينها ثلثمائة فرسخ ، فقطعها في ستة وعشرين يوما ، وقاد الجنائب بأيدي الفرسان وحمل الرجالة على البغال ، وكان الزمان ربيعا وقد أنفذ منجوتكين وعسكره كراعهم إلى المروج لترعى فيها ، وقرب هجوم بسيل عليهم من حيث لا يشعرون.
ذكر ما دبره واعتمده لؤلؤ من رعاية حرمة الإسلام
وإنذار منجوتكين بخبر هجوم الروم
قال : أرسل إلى منجوتكين يقول له إن عصمة الإسلام الجامعة لنا تدعوني إلى إنذاركم والنصح لكم ، وقد أظلكم بسيل في جيوش الروم فخذوا الحذر لأنفسكم ، وجاءت طلائع منجوتكين بمثل الخبر فأحرق الخزائن والأسواق والأبنية التي كان استحدثها ، ورحل
__________________
(١) قال في الهامش : كذا في الأصل ، وعند ابن القلانسي ص ٤٣ : ويخرج من الناس من أراد من الفقراء من الجوع وطول المقام ، وقد كان أشير الخ. والمضرتان الجوع والوباء.