ذكر حال الجاولي بعد إطلاق القمص واستيلائه على بالس
قال ابن الأثير : لما أطلق جاولي القمص بماكسين سار إلى الرحبة فأتاه أبو النجم بدران وأبو كامل منصور ابنا سيف الدولة صدقة وكانا بعد قتل أبيهما بقلعة جعبر عند سالم ابن مالك ، فتعاهدوا على المساعدة والمعاضدة ووعدهما أن يسير معهما إلى الحلة وعزموا أن يقدموا عليهم بكتامش بن تتش بن آلب أرسلان ، فوصل إليهم وهم على هذا العزم الإصبهبذ صباوو وكان قصد السلطان فأقطعة الرحبة ، فاجتمع بجاولي وأشار عليه أن يقصد الشام فإن بلاده خالية من الأجناد والفرنج قد استولوا على كثير منها ، وعرفه أنه متى قصد العراق والسلطان بها أو قريبا منها لم يأمن شرا يصل إليه ، فقبل قوله وأصعد عن الرحبة فوصل إليه رسل سالم بن مالك صاحب قلعة جعبر يستغيث به من بني نمير ، وكانت الرقة بيد ولده علي بن سالم فوثب جوشن النميري ومعه جماعة من نمير فقتل عليا وملك الرقة ، فبلغ ذلك الملك رضوان فسار من حلب إلى صفين فصادف تسعين رجلا من الفرنج معهم مال من فدية القمص صاحب الرها قد سيره إلى جاولي فأخذه وأسر عددا منهم ، وأتى الرقة فصالحه بنو نمير على مال فرحل عنهم إلى حلب فاستنجد سالم بن مالك جاولي وسأله أن يرحل إلى الرقة ويأخذها ووعده بما يحتاج إليه ، فقصد الرقة وحصرها سبعين يوما فضمن له بنو نمير مالا وخيلا ، فأرسل إلى سالم إنني في أمر أهم من هذا وأنا بإزاء عدو يحب التشاغل به دون غيره ، وأنا عازم على الانحدار إلى العراق فإن تم أمري فالرقة وغيرها لك ولا أشتغل عن هذا المهم بحصار خمسة نفر من بني نمير ، ووصل إلى جاولي الأمير حسين بن أتابك قتلغتكين وكان أبوه أتابك السلطان محمد فقتله ، وتقدم ولده هذا عند السلطان واختص به فسيره السلطان مع فخر الملك بن عمار ليصلح الحال مع جاولي ويأمر العساكر بالمسير مع ابن عمار إلى الجهاد فحضر عند جاولي وأمر بتسليم البلاد وطيب قلبه عن السلطان وضمن الجميل إذا سلم البلاد وأظهر الطاعة والعبودية ، فقال جاولي : أنا مملوك السلطان وفي طاعته ، وحمل إليه مالا وثيابا لها مقدار جليل وقال له : سر إلى الموصل ، ورحل العسكر عنها فإني أرسل معك من يسلم ولدي إليك رهينة وينفذ السلطان إليها من يتولى أمرها وجباية أموالها ، ففعل حسين ذلك وسار ومعه صاحب