مبلط بالمرمر مملوء من ماء المطر ، وسكان هذا الحصن بادية أكثرهم نصارى ، معاشهم تخفير القوافل وجلب المتاع والصعاليك مع اللصوص ، وهذا القصر في وسط برية مستوية السطح لا يرد البصر من جوانبها إلا الأفق ، ورحلنا منها إلى حلب في أربع رحلات. وكان ابن بطلان كتب هذه الرسالة في سنة (٤٤٠).
وحدث برصافة الشام أبو سليمان محمد بن مسلم بن شهاب الزهري فروى عنه من أهلها أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الرصافي ، وكان (١) الحجاج من العلماء ، كان أعلم الناس بخلق الفرس من رأسه إلى رجله وبالنبات ، روى عنه هلال بن أبي العلاء الرقي وغيره ، وكان ثقة ثبتا حديثه في الصحيح ، ومات في سنة ٢٢١ ، قاله ابن حبان. وقال محمد بن الوليد : أقمت مع الزهري بالرصافة عشر سنين. وقال مدرك بن حصين الأسدي وكان قدم الشام هو ورجل من بني عمه يقال له ابن ماهي وطعن ابن ماهي فكبر جرحه فقال :
عليك ابن ماهي ليت عينك لم ترم |
|
بلادي وإن لم يرع إلا درينها |
و يا ذكرة والنفس خائفة الردى |
|
مخاطرة والعين يهمي معينها |
ذكرت وأبواب الرصافة بينها |
|
و بيني وجعدياتها وقرينها |
و صفين والنهي الهنيء ولجة |
|
من البحر موقوف عليها سفينها |
بدائبة للحفر فيها عجاجة |
|
و للموت أخرى لا يبلّ طعينها |
وقال جرير :
طرقت جعادة بالرصافة أرحلا |
|
من رامتين لشط ذاك مزارا |
و إذا نزلت من البلاد بمنزل |
|
وقي النحوس وأسقي الأمطارا |
ولاية الوليد بن القعقاع
قال في السالنامة : ثم ولي سليمان بن الوليد القعقاع العبسي من سنة ١٠١ إلى سنة ١٢٥.
هذا سهو والصواب أن الذي تولى هو الوليد بن القعقاع بن خليد العبسي ، وأما سليمان فهو سليمان بن عبد الملك وهو ابن أخت الوليد بن القعقاع.
__________________
(١) قال مصحح المعجم هكذا في الأصل وليحرر.