وإنما قتله لأنه كان يتعرض لغلام له ، فغار لذلك ، ثم أفاق سيف الدولة فلما علم هبة الله أن عمه لم يمت هرب إلى حران ، فلما دخلها أظهر لأهلها أن عمه مات وطلب منهم اليمين على أن يكونوا سلما لمن سالمه وحربا لمن حاربه ، فحلفوا له واستثنوا عمه في اليمين ، فأرسل سيف الدولة غلامه نجا إلى حران في طلب هبة الله ، فلما قاربها هرب هبة الله إلى أبيه بالموصل ، فنزل نجا على حران في السابع والعشرين من شوال ، فخرج أهلها إليه من الغد فقبض عليهم وصادرهم على ألف ألف درهم ووكل بهم حتى أدوها في خمسة أيام بعد الضرب الوجيع بحضرة عيالاتهم وأهليهم ، فأخرجوا أمتعتهم فباعوا كل ما يساوي دينارا بدرهم لأن أهل البلد كلهم كانوا يبيعون ليس فيهم من يشتري لأنهم مصادرون ، واشترى ذلك أصحاب نجا بما أرادوا ، وافتقر أهل البلد ، وسار نجا إلى ميافارقين وترك حران شاغرة بغير وال ، فتسلط العيارون على أهلها ، وكان من أمر نجا ما نذكره سنة ثلاث وخمسين.
وفيها في ربيع الأول اجتمع من رجالة الأرمن جماعة كثيرة وقصدوا الرها فأغاروا عليها فغنموا وأسروا وعادوا موفورين.
سنة ٣٥٣
ذكر عصيان نجا وقتل سيف الدولة له
قال ابن الأثير : قد ذكرنا سنة اثنتين وخمسين ما فعله نجا غلام سيف الدولة بن حمدان بأهل حران وما أخذه من أموالهم ، فلما اجتمعت عنده تلك الأموال قوي بها وبطر ولم يشكر ولي نعمته بل كفره ، وسار إلى ميافارقين وقصد بلاد أرمينية ، وكان قد استولى على كثير منها رجل من العرب يعرف بأبي الورد ، فقاتله نجا فقتل أبو الورد وأخذ نجا قلاعه وبلاده خلاط وملازكرد وموش وغيرها ، وحصل له من أموال أبي الورد شيء كثير ، فأظهر العصيان على سيف الدولة ، فاتفق أن معز الدولة بن بويه سار عن بغداد إلى الموصل ونصيبين واستولى عليها وطرد منها ناصر الدولة [ أخا سيف الدولة ] على ما نذكره آنفا ، فكاتبه نجا وراسله وهو بنصيبين يعده المعاضدة والمساعدة على مواليه بني حمدان ، فلما عاد