فأنفذ لؤلؤ وأحرق ما يقارب حلب منها إضرارا بالعسكر المصري وقاطعا للميرة عليهم ، وكر منجوتكين راجعا إلى حلب.
ذكر تدبير لطيف دبره لؤلؤ في صرف العساكر المصرية عن حلب
قال الوزير : لما رأى لؤلؤ هزيمة الروم وقوة العساكر المصرية وضعفه عن مقاومتهم كاتب أبا الحسن المغربي والقشوري ورغبهما في المال وبذل لهما ما استمالهما به ، وسألهما المشورة على منجوتكين بالانصراف عن حلب في هذا العام والمعاودة في العام القابل لعلة تعذر الأقوات والعلوفات ، فأجاباه إلى ذلك ، وخاطبا منجوتكين به فصادف قولهما منه شوقا إلى دمشق وخفض العيش ، وضجرا من الأسفار والحروب ، وكتبت الجماعة إلى صاحب مصر بهذه الصورة واستأذناه في الانكفاء. فقبل أن يصل الكتاب ويعود الجواب رحلوا عائدين ، وعرف صاحب مصر ذلك فاستشاط غضبا ووجد أعداء أبي الحسن المغربي طريقا إلى الطعن عليه فصرفه بصالح بن علي الروذباري.
ذكر ما دبره المتقلب بالعزيز في إمداد العسكر بالميرة
وإعادتهم إلى حلب
قال الوزير : آلى العزيز على نفسه أن يمد العسكر بالميرة من غلات مصر مائة ألف تليس [ والتليس قفيزان بالمعدل ] في البحر إلى طرابلس ، ومنها على الظهور إلى حصن أفامية ، ورجع منجوتكين في السنة الثانية إلى حلب ونزل عليها وصالح بن علي الروذباري المدبر ، فكان يوقع للغلمان بجراياتهم وقضيم دوابهم إلى أفامية على خمسة وعشرين فرسخا ، فيمضون ويقبضونها ويعودون بها ، وأقاموا على حلب ثلاثة عشر شهرا ، وبنوا الحمامات والخانات والأسواق وأبو الفضائل ولؤلؤ ومن معهما متحصنون بالبلد ، وتعذرت الأقوات