للدهقان إن أبا مسلم بالباب ويطلب منك ألف درهم ودابة ، فقالوا للدهقان ذلك فقال الدهقان : في أي زي هو وأي عدة ؟ فأخبروه أنه وحده في أدون زي ، فسكت ساعة ثم دعا بألف درهم ودابة من خواص دوابه وأذن له وقال : يا أبا مسلم قد أسعفناك بما طلبت وإن عرضت حاجة أخرى فمن بين يديك ، فقال : ما نضيع لك ما فعلته ، فلما ملك قال له بعض أقاربه : إن فتحت نيسابور أخذت كل ما تريده من مال الفاذوسيان دهقانها المجوسي ، فقال أبو مسلم : له عندنا يد ، فلما ملك نيسابور أتته هدايا الفاذوسيان فقيل له لا تقبلها واطلب منه الأموال ، فقال : له عندي يد ، ولم يتعرض له ولا لأحد من أصحابه وأمواله ، وهذا يدل على علو همة وكمال مروءة. اه.
ولاية صالح بن علي بن عبد الله بن العباس
من سنة ١٣٧ إلى سنة ١٥٢
قال في زبدة الحلب : ولما عاد أبو مسلم من الشام ولى المنصور حلب وقنسرين وحمص صالح بن علي بن عبد الله بن العباس سنة سبع وثلاثين ومائة ، فنزل حلب فابتنى بها خارج المدينة قصرا يقال له بطياس بالقرب من النيرب وآثاره باقية إلى الآن ، ومعظم أولاده ولدوا ببطياس ، وقد ذكرها البحتري وغيره في أشعارهم ، وأغزى الصائفة مع ابنه الفضل في سنة تسع وثلاثين وماية بأهل الشام وهي أول صائفة غزيت في خلافة بني العباس ، وكانت انقطعت الصوائف في أيام بني أمية قبل ذلك بسنين ، ودام صالح في ولاية حلب إلى أن مات في سنة اثنين وخمسين ومائة ، ورأيت فلوسا عتيقة فتتبعت ما عليها مكتوب فإذا أحد الجانبين مكتوب عليه [ ضرب هذا الفلس بمدينة حلب سنة ست وأربعين وماية ] وعلى الجانب الآخر [ مما أمر به الأمير صالح بن علي أكرمه الله ] اه.
قال في الكواكب المضية : قال الشيخ علاء الدين بن خطيب الناصرية الطائي الشافعي رحمهالله تعالى : وقد نزل حلب المحروسة جماعة من بني هاشم واختاروها دون بقية البلاد منهم صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وابتنى قصره ببطياس وكان على الرابية المشرفة على النيرب من جهة الغرب والشمال وموضع إسطبله عن يمين المتوجه والطريق