أخرجه ليصادر الناس فحدثني من أثق به أنه صادر أهل المعرة ونواحيها وتيزين ونواحيها على ستة عشر ألف دينار بعد ما هتك منها الأستار ، وكان ذلك لاضطراب عقل محمود من المرض الذي ناله ، وذلك أنه كان يرى من أسفله معاليق بطنه ، وأنفذ ناجية بالذهب إليه فغضب وقال : ما ظننت أنه ينفذ لي أقل من سبعين ألف دينار ويأخذ مثلها ، والله لئن لم ينفذ لي البقية لأوقعن به ، فقال ناجية لطبيبه : والله ما أقدر أجمع من البلاد دينارا واحدا ، فعرفني إن كان يسلم لأمضي ، فقال : أبشر فما منه قوة تخدمه أكثر من يومك فاحتل بحيلة ، فلما سمع ناجية من الطبيب ذلك أنفذ فاشترى بلعاسية وفصلها أكياسا ، هذا والرسل تترى إليه في طلب المال وهو يقول : نعم قد ابتدأت أحضره وهذه البلعاسية قد فصلتها أكياسا والخياط فيها ، فتردد الرسول مرة أو مرتين ثم جاءه آخر فأعلمه أنه قد مات.
ولاية نصر بن محمود بن نصر بن صالح المرداسي
سنة ٤٦٧
قال ابن الأثير : لما مات محمود وصى بحلب بعده لابنه مشيب ، فلم ينفذ أصحابه وصيته لصغره وسلموا البلاد إلى ولده الأكبر واسمه نصر وجده لأمه الملك العزيز ابن الملك جلال الدولة بن بويه وتزوجها عند دخولهم مصر لما ملك طغرلبك العراق.
وفي المختار من الكواكب المضية نقلا عن ابن العديم : لما مات محمود أوصى بالملك من بعده لولده شبل بن محمود وأسكنه القلعة وجعل الحراس عنده ، وأسكن ولده نصر البلد وكان كارها له ، وكانت العساكر تميل إلى نصر ، فبذل العطاء وعدل فملكوه.
أقول : ابن الأثير سمى ولده مشيبا وابن العديم سماه شبلا وكلاهما تحريف ، والصحيح أن اسمه سابق كما سيأتي.
قال أبو الفدا : لما ولي نصر بن محمود مدحه ابن حيوس بقصيدة منها :
ثمانية لم تفترق مذ جمعتها |
|
فلا افترقت ماذب عن ناظر شعر |
ضميرك والتقوى وجودك والغنى |
|
و لفظك والمعنى وعزمك والنصر |