الوزير أبا الفضل بن الموصول ففعل ذلك فاستوهب أتابك منه كمشتكين فوهبه إياه ، وقبض على رئيس حلب صاعد بن بديع وكان وجيها عند أبيه رضوان فصادره بعد التضييق عليه حتى ضرب نفسه في السجن ليقتل نفسه ، ثم أطلقه بعد أن قرر عليه مالا وأخرجه وأهله من حلب فتوجه إلى مالك بن سالم إلى قلعة جعبر وسلم رياسة حلب إلى إبراهيم الفراتي فتمكن ولقب ونوه باسمه ، وإليه تنسب عرصة ابن الفراتي بالقرب من باب العراق بحلب.
ثم رأى أتابك من سوء السيرة وفساد التدبير مع التقصير في حقه والإعراض عن مشورته ما أنكره ، فعاد من حلب إلى دمشق وخرجت معه أم الملك رضوان هربا منه ، وساءت سيرة آلب أرسلان وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم والقتل ، وبلغنا أنه خرج يوما إلى عين المباركة متنزها وأخذ معه أربعين جارية ونصب خيمة ووطئهن كلهن ، واستولى لؤلؤ اليايا على الأمر فصادر جماعة من المتفرقين وأعاد الوزارة إلى أبي الفضل بن الموصول ، وجمع آلب أرسلان جماعة من الأمراء وأدخلهم إلى موضع بالقلعة شبيه بالسرداب لينظروه ، فلما دخلوا إليه قال لهم : أيش تقولون في من يضرب رقابكم كلكم هاهنا ، فقالوا : نحن مماليكك وبحكمك ، وأخذوا ذلك منه بطريق المزاح وتضرعوا له حتى أخرجهم ، وكان فيهم مالك بن سالم صاحب قلعة جعبر ، فلما نزل سار عن حلب وتركها خوفا على نفسه.
سنة ٥٠٨
ذكر قتل آلب أرسلان وولاية أخيه سلطان شاه
قال ابن العديم : لما حصل من الب أرسلان ما حصل خاف منه لؤلؤ اليايا فقتله بفراشه بالمركز بقلعة حلب في شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وخمسمائة ، وساعده على ذلك قراجا التركي وغيره. ولزم لؤلؤ اليايا قلعة حلب وشمس الخواص في العسكر ونصب لؤلؤ أخا له صغيرا عمره ست سنين واسمه سلطان شاه بن رضوان وتولى لؤلؤ تدبير مملكته وجرى على قاعدته في سوء التدبير ، وكاتب لؤلؤ ومقدمو حلب أتابك طغتكين وغيره يستدعونهم إلى حلب لدفع الفرنج عنها فلم يجب أحد منهم إلى ذلك ، ومن العجائب أن يخطب الملوك لحلب ولا يوجد من يرغب فيها ولا يمكنه ذب الفرنج عنها ، وكان السبب في ذلك أن المتقدمين كانوا يريدون بقاء الفرنج ليثبت عليهم ما هم فيه.