سنة ٥١٧
ذكر ملك الفرنج حصن الأثارب
قال ابن الأثير : في هذه السنة في صفر ملك الفرنج حصن الأثارب من أعمال حلب ، وسبب ذلك أنهم كانوا قد أكثروا قصد حلب وأعمالها بالإغارة والتخريب والتحريق ، وكان بحلب حينئذ بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق وهو صاحبها ، ولم يكن له بالفرنج قوة وخافهم فهادنهم على أن يسلم الأثارب ويكفوا عن بلاده ، فأجابوه إلى ذلك وتسلموا الحصن وتمت الهدنة بينهم واستقام أمر الرعية بحلب وجلبت إليهم الأقوات وغيرها ، ولم تزل الأثارب بأيدي الفرنج إلى أن ملكها أتابك زنكي بن آقسنقر على ما نذكره إن شاء الله تعالى اه.
قال ابن العديم : وفي العاشر من شهر صفر من سنة سبع عشرة وخمسمائة استقر الصلح بين بدر الدولة صاحب حلب وبين بغدوين صاحب أنطاكية على أن يسلم بدر الدولة إليه قلعة الأثارب ، فسلموها وصارت لصاحبها أولا ( سير ألان دمسخن ) وبقيت في يده إلى أن مات ، وكانت في يد الحاجب جبريل بن يسرق فعوضه بدر الدولة عنها شحنكية حلب.
استيلاء بلك بن بهرام على حلب ورحيله عنها
ومحاصرة جوسلين إلى حلب والفظايع التي أجراها وقت ذلك
قال ابن العديم : وفي يوم الأربعاء تاسع عشر صفر سار بغدوين صاحب أنطاكية لقتال نور الدولة بلك بن بهرام بن أرتق ، وكان محاصرا قلعة كركر ، فالتقيا على موضع اسمه أوروش بالقرب من قنطرة سنجة ، فكسره نور الدولة بلك وأسره وقتل معظم عسكره ومقدميه ونهب وفتح الكركر بعد جمعة ، وكان في دون عدة الفرنج ، وجعل بغدوين في خرتبرت مع جوسلين وقلران ، ثم إن نور الدولة بلك عبر الفرات ونزل على حلب (١) وضايقها ونزل من
__________________
(١) قال ابن الأثير : وسبب مسيره إليها أنه بلغه أن صاحبها بدر الدولة قد سلم قلعة الأثارب إلى الفرنج فعظم ذلك عليه وعلم عجزه عن حفظ بلاده فقوي طمعه في ملكها ، فسار إليها ونازلها في ربيع الأول وضايقها ومنع الميرة عنها وأحرق زروعها ، فسلم إليه ابن عمه البلد والقلعة بالأمان غرة جمادى الأولى من السنة وتزوج ابنة الملك رضوان وبقي مالكا لها إلى أن قتل على ما نذكره.