قبليها ، ثم انتقل إلى بانقوسة وأقام أياما ورحل إلى أرض النيرب وجبرين وأمر بحرق الغلة وأخذ الدواب ، ومضى قطعة من عسكره إلى حذادين فأخذ أحدهم عنزا فرماه بعض فلاحي الضيعة بسهم فقتله ، فحصرت مغارتها وأخذت بعد أن امتنع أهلها من التسليم فدخنوا على المغارة فاختنق بها مائة وخمسون ، وخنق في مغارة تل عبود وتعجين جماعة وسبوا نساء عفر تنور وأولادها وباعوا بعضهم واستعبدوا بعضا ، وأخذ لأهل حلب جشير خيل ثلثمائة رأس وكان حريق الزرع من رهقات بلك وكان سببا للغلاء العظيم.
وفي صباح يوم الثلثاء غرة جمادى الأولى من سنة سبع عشرة وخمسمائة تسلم مدينة حلب سلمها إليه مقلد بن سقويق بالأمان ومفرج بن الفضل ونودي بشعار بلك من عدة جهات ، وكسر باب أنطاكية وأخربت ثلمة من غربي باب اليهود. وفي يوم الجمعة رابع الشهر تسلم القلعة وجلس بها بعدما نزل بدر الدولة منها بيوم وقرر حالها وأخرج سلطان شاه بن رضوان وسيره إلى حران ، وكان قد فتحها في شهر ربيع الآخر خوفا منه ، ثم إنه سار إلى البارة وهجمها وأسر الأسقف الذي بها وقيده ووكل به ، ورحل إلى كفر طاب فغفل الموكل به فهرب إلى كفر طاب فعزم على قتال حصنها واسترجاع الأسقف في يوم الثلثاء الثاني عشر من جمادى الآخرة ، فوصله من أخبره أن بغدوين الرونس وجوسلين وقلران وابن أخت طنكريد وابن أخت بغدوين وغيرهم من الأسرى الذين كانوا مسجونين بجب خرتبرت عاملوا قوما من أهل حصن خرتبرت فأطلقوهم ووثبوا على الحصن فملكوه وأخذوا كل ما كان لنور الدولة فيه وكان جملة عظيمة فقال جوسلين : كنا قد أشرفنا على الهلاك والآن قد خلصنا والصواب أن نمضي ونحمل ما قدرنا عليه ، فما سمحت نفس بغدوين بترك الحصن والخروج منه ، فاتفق رأيهم على خروج جوسلين وحلفوه على أنه لا يغير ثيابه ولا يأكل لحما ولا يشرب إلا وقت القربان إلى أن يجمع الجموع الفرنجية ويصل بهم إلى خرتبرت ويخلصهم. وأما بلك فإنه سار حتى نزل على خرتبرت ففتحه بالسيف في ثالث وعشرين من رجب وقتل كل من كان به من أصحابه الذين كفروا نعمته ومن كان فيه من الفرنج ، ولم يستبق سوى بغدوين الملك وقلران وابن أخت بغدوين وسيرهم إلى حران وحبسهم بها.
وأما جوسلين فمضى إلى القدس واستنجد بالفرنج ، ووصلوا إلى تل باشر فسمعوا خبر فتح خرتبرت بالسيف ، فسار إلى الوادي وقاتل بزاعة وأحرق بعض جدارها ثم أحرق