الفطر إلى المصلى وعيد بأهل حلب وخطب الخطيب وعادت الرعية على حال سلامة ، وأشرف أبو الأغر على القرامطة فلم يخرج منهم أحد إليه ، ثم إنهم رحلوا إلى صاحبهم في سنة ثلاثمائة.
ولاية عيسى غلام النوشري سنة ٢٩٠
ثم إن المكتفي عزل من حلب أبا الأغر وولى عيسى غلام النوشري ، وكان المكتفي قد صار إلى الرقة في سنة إحدى وتسعين ومائتين ، وكان وجه بمحمد بن سليمان صاحب الجيش إلى حلب والشام في عشرين ألف فارس وراجل لمحاربة الطولونية والقرامطة واستنقاذ مصر من الطولونية ، فقدم محمد بن سليمان حلب في أواخر شوال سنة تسعين والوالي بها على الحرب عيسى غلام النوشري فدخلها محمد في أحسن تعبئة وزين وأقام بها أياما وطالب عمال الخراج بحمل المال ، فقصده رؤساء بني تميم وبني كلاب ، فأمر عيسى والي حلب أن يستخلف على عمله ويشخص معه إلى مصر ، فامتثل أمره واستخلف على حلب ولده وأنفق في جنده ورحل في آخر شوال معه ، فلما وافى معرة النعمان خلع عليه وحمله وولاه بلدة هي من مدن ساحل بحر الشام بالقرب من جبلة إلى حدود حماة ، ولقيهم القرامطة بين تل بنش وكفر طاب في عشرة آلاف فارس ، فنصره الله عليهم وانهزموا وقتل الرجالة وأسر أكثر الخيالة ، وصار محمد بن سليمان إلى مصر وافتتحها من يد الطولونية عند قتل هارون ابن خمارويه واستولى على أموالها ، ثم ضم إلى طغج بن جف الطولوني أربعة آلاف رجل وولاه حلب وأخرجه عن مصر ، فلما صار إلى حلب وجد بها ابن الواثقي وقد أنفذه السلطان إلى حلب لعرض جيوش الواردين من مصر وذلك في سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، فعرض ابن الواثقي جيشه لما وصل إلى حلب وأمره بالنفوذ إلى بغداد ، فرحل حتى وافى مدينة السلام ، وكذلك ورد جماعة من القواد الطولونية فعرضهم وتوجهوا إلى بغداد ، ووافى وصيف البكتمري وابن عيسى النوشري صاحب حلب بغداد يوم الاثنين لثلاثة عشر بقيت من شعبان سنة اثنتين وتسعين ومائتين ومعهما طغج وأخوه وابن لطغج فخلع عليهم وطوق منهم البكتمري وابن عيسى النوشري ، ثم شخص عيسى النوشري عن مصر إلى حلب لأنه واليها ، فلما كان بعد شخوصه إليها بأيام ورد كتاب العباس بن الحسن الوزير بتولية عيسى